للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لدم الحيض طمث، ولدم الافتضاض طمث، فإذا نفي الافتضاض، فقد نفي القرب منهن بجهة الوطء.

قال الفراء: لا يقال طمث إلا إذا افتض. قال غيره: طمث، معناه: جامع بكرا أو غيرها.

واختلف الناس في قوله: وَلا جَانٌّ فقال مجاهد: الجن قد تجامع نساء البشر مع أزواجهن، إذا لم يذكر الزوج الله تعالى، فتنفي هذه الآية جميع المجامعات. وقال ضمرة بن حبيب: الجن لهم قاصِراتُ الطَّرْفِ من الجن نوعهم، فنفي في هذه الآية الافتضاض عن البشريات والجنيات.

قال القاضي أبو محمد: ويحتمل اللفظ أن يكون مبالغة وتأكيدا، كأنه قال: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ شيء، أراد العموم التام، لكنه صرح من ذلك بالذي يعقل منه أن يطمث. وقال أبو عبيدة والطبري: إن من العرب من يقول: ما طمث هذا البعير حبل قط، أي ما مسه.

قال القاضي أبو محمد: فإن كان هذا المعنى ما أدماه حبل، فهو يقرب من الأول. وإلا فهو معنى آخر غير الذي قدمناه.

وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد: «ولا جأن» بالهمز.

وقوله عز وجل:

[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٥٨ الى ٦٩]

كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٩) هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (٦٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦١) وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (٦٢)

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٣) مُدْهامَّتانِ (٦٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٥) فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (٦٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٧)

فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٩)

الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ: هي من الأشياء التي قد برع حسنها واستشعرت النفوس جلالتها، فوقع التشبيه بها لا في جميع الأوصاف لكن فيما يشبه ويحسن بهذه المشبهات، ف الْياقُوتُ في إملاسه وشفوفه، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في صفة المرأة من نساء أهل الجنة: «يرى مخ ساقها من وراء العظم» . وَالْمَرْجانُ في إملاسه وجمال منظره، وبهذا النحو من النظر سمت العرب النساء بهذه الأشياء كدرة بنت أبي لهب. ومرجانة أم سعيد وغير ذلك.

وقوله تعالى: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ آية، وعد وبسط لنفوس جميع المؤمنين لأنها عامة. قال ابن المنكدر وابن زيد وجماعة من أهل العلم: هي للبر والفاجر. والمعنى أن جزاء من أحسن بالطاعة أن يحسن إليه بالتنعيم. وحكى النقاش أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر هذه الآية: «هل جزاء التوحيد إلا الجنة» .

وقوله تعالى: وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ اختلف الناس في معنى: مِنْ دُونِهِما، فقال ابن زيد وغيره معناه: أن هذين دون تينك في المنزلة والقدرة، والأوليان جنتا السابقين، والأخريان جنتا أصحاب اليمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>