وقوله: لَهُمْ عَذابٌ
الآية، آية وعيد أي لهم عذاب في دنياهم بالقتل والأسر والجدوب والبلايا في أجسامهم وغير ذلك مما يمتحنهم الله، ثم لهم في الآخرة عذاب أَشَقُ
من هذا كله، وهو الاحتراق بالنار، وأَشَقُ
أصعب من المشقة، و «الواقي» : الساتر على جهة الحماية من الوقاية.
وقوله تعالى: مَثَلُ الْجَنَّةِ الآية، قال قوم: مَثَلُ معناه، صفة، وهذا من قولك: مثلت الشيء، إذا وصفته لأحد وقربت عليه فهم أمره، وليس بضرب مثل لها، وهو كقوله: وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى [الروم: ٢٧] أي الوصف الأعلى. ويظهر أن المعنى الذي يتحصل في النفس مثالا للجنة هو جري الأنهار وأن أكلها دائم.
وراجعه عند سيبويه فقدر قبل، تقديره: فيما يتلى عليكم أو ينص عليكم مثل الجنة. وراجعه عند الفراء قوله: تَجْرِي أي صفة الجنة أنها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ونحو هذا موجود في كلام العرب، وتأول عليه قوم: أن مَثَلُ مقحم وأن التقدير: الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي.
قال القاضي أبو محمد: وفي هذا قلق.
وقرأ علي بن أبي طالب وابن مسعود «أمثال الجنة» .
وقد تقدم غير مرة معنى قوله: تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وقوله: أُكُلُها معناه: ما يؤكل فيها.
و «العقبى» والعاقبة والعاقب: حال تتلو أخرى قبلها. وباقي الآية بين.
وقيل: التقدير في صدر الآية، مثل الجنة جنة تجري- قاله الزجاج- فتكون الآية على هذا ضرب مثل لجنة النعيم في الآخرة.
قوله عز وجل:
[سورة الرعد (١٣) : الآيات ٣٦ الى ٣٩]
وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ (٣٦) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ (٣٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ (٣٨) يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (٣٩)
اختلف المتأولون فيمن عنى بقوله: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ فقال ابن زيد: عنى به من آمن من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وشبهه.
قال القاضي أبو محمد: والمعنى: مدحهم بأنهم لشدة إيمانهم يسرون بجميع ما يرد على النبي عليه السلام من زيادات الشرع.