للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال قتادة: عنى به جميع المؤمنين، والْكِتابَ هو القرآن، وبِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ يراد به، جميع الشرع. وقالت فرقة: المراد ب الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ اليهود والنصارى، وذلك أنهم لهم فرح بما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم من تصديق شرائعهم وذكر أوائلهم.

قال القاضي أبو محمد: ويضعف هذا التأويل بأن همهم به أكثر من فرحهم، ويضعف أيضا بأن اليهود والنصارى ينكرون بعضه. وقد فرق الله في هذه الآية بين الذين ينكرون بعضه وبين الذين آتيناهم الكتاب.

والْأَحْزابِ قال مجاهد: هم اليهود والنصارى والمجوس، وقالت فرقة: هم أحزاب الجاهلية من العرب. وأمره الله تعالى أن يطرح اختلافهم ويصدع بأنه إنما أمر بعبادة الله وترك الإشراك، والدعاء إليه، واعتقاد «المآب» إليه وهو الرجوع عند البعث يوم القيامة.

وقوله: وَكَذلِكَ المعنى: كما يسرنا هؤلاء للفرح، وهؤلاء لإنكار البعض، كذلك أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا، ويحتمل المعنى: والمؤمنون آتيناهموه يفرحون به لفهمهم به وسرعة تلقيهم.

ثم عدد النعمة بقوله: «كذلك جعلناه» أي سهلنا عليهم في ذلك وتفضلنا.

وحُكْماً نصب على الحال، و «الحكم» هو ما تضمنه القرآن من المعاني، وجعله عَرَبِيًّا لما كانت العبارة عنه بالعربية.

ثم خاطب النبي عليه السلام محذرا من اتباع أهواء هذه الفرق الضالة، والخطاب لمحمد عليه السلام، وهو بالمعنى يتناول المؤمنين إلى يوم القيامة.

ووقف ابن كثير وحده على «واقي» و «هادي» و «والي» بالياء. قال أبو علي: والجمهور يقفون بغير ياء، وهو الوجه. وباقي الآية بين.

وقوله: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ الآية. في صدر هذه الآية تأنيس للنبي صلى الله عليه وسلم ورد على المقترحين من قريش بالملائكة المتعجبين من بعثة الله بشرا رسولا. فالمعنى: أن بعثك يا محمد ليس ببدع فقد تقدم هذا في الأمم. ثم جاء قوله: وَما كانَ لِرَسُولٍ الآية، لفظه لفظ النهي والزجر، والمقصود به إنما هو النفي المحض، لكنه نفي تأكد بهذه العبارة، ومتى كانت هذه العبارة عن أمر واقع تحت قدرة المنهي فهي زجر، ومتى لم يقع ذلك تحت قدرته فهو نفي محض مؤكد، وبِإِذْنِ اللَّهِ معناه:

إلا أن يأذن الله في ذلك.

وقوله: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ لفظ عام في جميع الأشياء التي لها آجال، وذلك أنه ليس كائن منها إلا وله أجل في بدئه أو في خاتمته. وكل أجل مكتوب محصور، فأخبر تعالى عن كتبه الآجال التي للأشياء عامة، وقال الضحاك والفراء: المعنى: لكل كتاب أجل.

قال القاضي أبو محمد: وهذا العكس غير لازم ولا وجه له، إذ المعنى تام في ترتيب القرآن، بل يمكن هدم قولهما بأن الأشياء التي كتبها الله تعالى أزلية باقية كتنعيم أهل الجنة وغيره يوجد كتابها لا أجل له.

<<  <  ج: ص:  >  >>