وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص:«أليم» على النعت ل عَذابٌ وهي قراءة ابن محيصن وابن مصرف وأهل مكة. وقرأ الباقون:«أليم» على النعت ل رِجْزٍ وهي قراءة الحسن وأبي جعفر وشيبة وعيسى والأعمش. والرجز: أشد العذاب.
وقوله: لَهُمْ عَذابٌ بمنزلة قولك: لهم حظ، فمن هذه الجهة ومن جهة تغاير اللفظتين حسن قوله: عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ إذ الرجز هو العذاب.
هذه آية عبرة في جريان السفينة في البحر، وذلك أن الله تعالى سخر هذا المخلوق العظيم لهذا المخلوق الحقير الضعيف.
وقوله: بِأَمْرِهِ أقام القدرة والإذن مناب أن يأمر البحر والناس بذلك. والابتغاء من فضل الله: هو بالتجارة في الأغلب، وكذلك مقاصد البر من حج أو جهاد هي أيضا ابتغاء فضل، والتصير فيه هو ابتغاء فضل. وتسخير ما فِي السَّماواتِ: هو تسخير الشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح والهواء والملائكة الموكلة بهذا كله، ويروى أن بعض الأحبار نزل به ضيف فقدم إليه رغيفا، فكأن الضيف احتقره فقال له المضيف: لا تحتقره فإنه لم يستدر حتى تسخر فيه من المخلوقات والملائكة ثلاثمائة وستون بين ما ذكرنا من مخلوقات السماء وبين الملائكة وبين صناع بني آدم الموصلين إلى استدارة الرغيف، وتسخير ما في الأرض هو تسخير البهائم والمياه والأودية والجبال وغير ذلك. ومعنى قوله: جَمِيعاً مِنْهُ قال ابن عباس: كل إنعام فهو من الله تعالى.
وقرأ جمهور الناس:«منه» وهو وقف جيد. وقرأ مسلمة بن محارب:«منّه» بفتح الميم وشد النون المضمومة بتقدير: هو منه. وقرأ ابن عباس: بكسر الميم وفتح النون المشددة ونصب التاء على المصدر.
قال أبو حاتم: سند هذه القراءة إلى ابن عباس مظلم، وحكاها أبو الفتح عن ابن عباس وعبد الله بن عمر والجحدري وعبد الله بن عبيد بن عمير. وقرأ مسلمة بن محارب أيضا:«منة» بكسر الميم وبالرفع في التاء.
وقوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا الآية، آية نزلت في صدر الإسلام، أمر الله المؤمنين فيها أن يتجاوزوا عن الكفار وأن لا يعاقبوهم بذنب، بل يأخذون أنفسهم بالصبر، قاله محمد بن كعب القرظي والسدي. قال أكثر الناس: وهذه آية منسوخة بآية القتال وقالت فرقة: الآية محكمة، والآية تتضمن الغفران عموما، فينبغي أن يقال: إن الأمور العظام كالقتل والكفر مجاهرة ونحو ذلك قد نسخ غفرانه آية السيف