للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدة، والْحافِرَةِ لفظة توقعها العرب على أول أمر رجع إليه من آخره، يقال: عاد فلان في الحافرة، إذا ارتكس في حال من الأحوال ومنه قول الشاعر: [الوافر]

أحافرة على صلع وشيب ... معاذ الله من سفه وعار

والمعنى: أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ إلى الحياة بعد مفارقتها بالموت، وقال مجاهد والخليل: الْحافِرَةِ:

الأرض فاعلة بمعنى محفورة، وقيل بل هو على النسب أي ذات حفر، والمراد: القبور لأنها حفرت للموتى، فالمعنى أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ أحياء في قبورنا، وقال زيد بن أسلم: الْحافِرَةِ في النار، وقرأ أبو حيوة «في الحفرة» بغير ألف، فقيل: هو بمعنى الْحافِرَةِ، وقيل هي الأرض المنتنة المتغيرة بأجساد موتاها من قولهم حفرت أسنانه إذا تأكلت وتغير ريحها، و «الناخرة» : المصوتة بالريح المجوفة، ومنه قول الشاعر: [الطويل]

وأخليتها من مخها فكأنها ... قوارير في أجوافها الريح تنخر

ويروى تصفر وناخرة، هي قراءة حمزة وعاصم في رواية أبي بكر وعمر بن الخطاب وابن مسعود وأبيّ بن كعب وابن عباس وابن الزبير ومسروق ومجاهد وجماعة سواهم، وقرأ الباقون وحفص عن عاصم وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود والحسن والأعرج وأبو رجاء وجعفر وشيبة وأبو عبد الرحمن وابن جبير وأهل مكة وشبل وقتادة وأيوب والنخعي: «نخرة» ، دون ألف بعد النون، ومعناه:

بالية متعفنة قد صارت رميما، يقال: نخر العود والعظم: إذا بلي وصار يتفتت، وحكي عن أبي عبيدة وأبي حاتم والفراء وغيرهم أن الناخرة والنخرة بمعنى واحد كطامع وطمع وحاذر وحذر، والأكثر من الناس على ما قدمناه. قال أبو عمرو بن العلاء: «الناخرة» التي لم تنخر بعد والنخرة التي قد بليت.

قوله عز وجل:

[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ١٢ الى ٢٤]

قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ (١٢) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (١٣) فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (١٥) إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٦)

اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (١٩) فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصى (٢١)

ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى (٢٢) فَحَشَرَ فَنادى (٢٣) فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (٢٤)

ذكر الله تعالى عنهم قولهم: تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ وذلك أنهم لتكذيبهم بالبعث، وإنكارهم، قالوا: لو كان هذا حقا، لكانت كرتنا ورجعتنا خاسرة وذلك لهم إذ هي النار، وقال الحسن: خاسِرَةٌ معناه: كاذبة أي ليست بكائنة، وروي أن بعض صناديد مكة قال ذلك، ثم أخبر الله تعالى عن حال القيامة، فقال فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ، أي نفخة في الصور فإذا الناس قد نشروا وصاروا أحياء على وجه الأرض، وفي قراءة عبد الله «فإنما هي رقة واحدة» ، و «الساهرة» : وجه الأرض، ومنه قول أمية بن أبي الصلت: [الوافر]

<<  <  ج: ص:  >  >>