قوله تعالى: إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ تحقير لأمر الدنيا، أي فلا تهنوا في الجهاد بسببها، ووصفها باللعب واللهو هو على أنها وما فيها مما يختص بها لعب، وإلا ففي الدنيا ما ليس بلعب ولا لهو، وهو الطاعة وأمر الآخرة وما جرى مجراه.
وقوله تعالى: وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ معناه هذا هو المطلوب منكم لا غيره، لا تسألون أموالكم أن تنفقوها في سبيل الله. وقال سفيان بن عيينة: لا يسألكم كثيرا من أموالكم إحفاء إنما يسألكم غيضا من فيض ربع العشر فطيبوا أنفسكم، ثم قال تعالى منبها على خلق ابن آدم إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا والإحفاء هو أشد السؤال وهو المخجل المخرج ما عند المسئول كرها، ومنه حفاء الرجل.
والتحفي من البحث عن الشيء. وقوله: تَبْخَلُوا جزم على جواب شرط.
وقرأ جمهور القراء:«ويخرج» جزما على تَبْخَلُوا. وقرأ عبد الوارث عن أبي عمرو:«ويخرج» بالرفع على القطع، بمعنى هو يخرج، وحكاها أبو حاتم عن عيسى وقرأت فرقة: وَبالنصب على معنى:
يكن بخل وإخراج، فلما جاءت العبارة بفعل دل على أن التي مع الفعل بتأويل المصدر الذي هو الإخراج، والفاعل في قوله: وَيُخْرِجْ على كل الاختلافات يحتمل أن يكون الله، ويحتمل أن يكون البخل الذي تضمنه اللفظ، ويحتمل أن يكون السؤال الذي يتضمنه اللفظ أيضا. وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن سيرين وابن محيصن وأيوب:«يخرج» بفتح الياء «أضغانكم» رفعا على أنها فاعلة وروي عنهم: «وتخرج» بضم التاء وفتح الراء على ما لم يسم فاعله.
وقرأ يعقوب:«ونخرج» بضم النون وكسر الراء «أضغانكم» نصبا. والأضغان كما قلنا معتقدات السوء، وهذا الذي كان يخاف أن يعتري المسلمين هو الذي تقرب به محمد بن مسلمة إلى كعب بن الأشرف حين قال له: إن هذا الرجل قد أكثر علينا وطلب منا الأموال ثم وقف تعالى عباده المؤمنين على جهة التوبيخ لبعضهم ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ وكرر هاء التنبيه تأكيدا.
وقوله: عَنْ نَفْسِهِ يحتمل معنيين، أحدهما: فإنما يبخل عن شح نفسه، والآخر أن يكون بمنزلة على، لأنك تقول: بخلت عليك وبخلت عنك، بمعنى: أمسكت عنك.
وقوله تعالى: وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ معنى مطرد في قليل الأشياء وكثيرها.