هذه آية وعد للمؤمنين بستر الذنوب عليهم وبالجنة فهي الأجر العظيم، ووَعَدَ يتعدى إلى مفعولين، ويجوز الاقتصار على أحدهما، وكذلك هو في هذه الآية، فالمفعول الثاني مقدر يفسره ويدل عليه قوله تعالى: لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ثم عقب تعالى بذكر حال الكفار ليبين الفرق.
وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا الآية خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته، والنعمة هي العاملة في إذ وهي نعمة مخصوصة، وهم الرجل بالشيء إذا أراد فعله، ومنه قول الشاعر:
هل ينفعنك اليوم أن همت بهم ... كثرة ما توصي وتعقاد الرتم
ومنه قول الآخر:
هممت ولم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله
واختلف الناس في سبب هذه الآية وما النازلة التي وقع فيها الهم ببسط اليد والكف من الله تعالى؟
فقال الجمهور: إن سبب هذه الآية أنه لما قتل أهل بئر معونة نجا من القوم عمرو بن أمية الضمري ورجل آخر معه، فلقيا بقرب المدينة رجلين من سليم قد كانا أخذا عهدا من النبي صلى الله عليه وسلم وانصرفا، فسألهما عمرو ممن أنتما؟ فانتسبا إلى بني عامر بن الطفيل وهو كان الجاني على المسلمين في بئر معونة، فقتلهما عمرو وصاحبه وأتيا بسلبهما النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لقد قتلتما قتيلين لأدينهما ثم شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمع الدية فذهب يوما إلى بني النضير يستعينهم في الدية ومعه أبو بكر وعمر وعلي. فكلمهم فقالوا: نعم يا أبا القاسم انزل حتى نصنع لك طعاما وننظر في معونتك، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل جدار فتآمروا بينهم في قتله، وقالوا ما ظفرتم بمحمد قط أقرب مراما منه اليوم، فقال بعضهم لبعض من رجل يظهر على الحائط فيصب عليه حجرا يشدخه؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش فيما روي، وجاء جبريل فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقام رسول الله من المكان وتوجه إلى المدينة ونزلت الآية في ذلك، وفي الخبر زوائد لا تخص الآية وقد ذكره ابن إسحاق وغيره، وهذا القول يترجح بما يأتي بعد من الآيات في وصف غدر بني إسرائيل ونقضهم المواثيق، وقالت جماعة من العلماء: سبب الآية فعل الأعرابي في غزوة ذات الرقاع، وهي غزوة النبي صلى الله عليه وسلم بني محارب بن خصفة بن قيس بن عيلان، وذلك أنه نزل بواد كثير العضاه، فتفرق الناس في الظلال وتركت للنبي صلى الله عليه وسلم شجرة ظليلة، فعلق سيفه بها ونام فجاء رجل