أخبر الله تعالى عن فلاح المؤمنين وأنهم نالوا البغية وأحرزوا البقاء الدائم، وروي عن كعب الأحبار أن الله تعالى لما خلق جنة عدن قال لها تكلمي فقالت قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، وروي عن مجاهد أن الله تعالى لما خلق الجنة وأتقن حسنها قال قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، وقرأ طلحة بن مصرف «قد أفلح المؤمنون» بضم الحاء يريد قد أفلحوا، وهي قراءة مردودة، وروي عنه «قد أفلح» بضم الهمزة وكسر اللام، ثم وصف تعالى هؤلاء المفلحين فقال الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ والخشوع التطامن وسكون الأعضاء والوقار، وهذا إنما يظهر ممن في قلبه خوف واستكانة، وروي عن بعض العلماء أنه رأى رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فقال: لو خشع هذا خشعت جوارحه، وروي أن سبب هذه الآية أن المسلمين كانوا يلتفتون في صلاتهم يمنة ويسرة فنزلت هذه الآية وأمروا أن يكون بصر المصلي حذاء قبلته أو بين يديه، وفي الحرم إلى الكعبة، وروي عن ابن سيرين وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلتفت في صلاته إلى السماء فنزلت الآية في ذلك، واللَّغْوِ سقط القول وهذا يعم جميع ما لا خير فيه ويجمع آداب الشرع، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكأن الآية فيها موادعة، وقوله وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ ذهب الطبري وغيره إلى أنها الزكاة المفروضة في الأموال، وهذا بين، ويحتمل اللفظ أن يريد ب «الزكاة» الفضائل كأنه أراد الأزكى من كل فعل، كما قال تعالى خَيْراً مِنْهُ زَكاةً وَأَقْرَبَ رُحْماً [الكهف: ٨١] وقوله وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ صفة العفة، وقوله إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ الآية، يقتضي تحريم الزنا والاستمناء ومواقعة البهائم وكل ذلك في قوله، وَراءَ ذلِكَ ويريد وراء هذا الحد الذي حد، ومعنى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ من النساء ولما كان حافِظُونَ بمعنى محجزون حسن استعمال عَلى، و «العادي» الظالم.