وواحد الينابيع وهو العين بني لها بناء مبالغة من النبع. والزرع هنا واقع على كل ما يزرع. وقالت فرقة: أَلْوانُهُ أعراضه من الحمرة والصفرة وغير ذلك. وقالت فرقة: أَلْوانُهُ أنواعه من القمح والأرز والذرة وغير ذلك. و: يَهِيجُ ييبس، هاج النبات والزرع إذا يبس، ومنه قول علي رضي الله عنه في الحديث الذي في غريب ابن قتيبة: ذمتي رهينة وأنا به زعيم. أي لا يهيج عن التقوى زرع قوم، ولا ييبس على التقوى سنخ أصل، والحديث. والحطام: اليابس المتفتت. ومعنى قوله: لَذِكْرى أي للبعث من القبور وإحياء الموتى على ما يوجبه هذا المثال المذكور.
روي أن هذه الآية: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ آية نزلت في علي وحمزة، وأبي لهب وابنه هما اللذان كانا من القاسية قلوبهم، وفي الكلام محذوف يدل الظاهر عليه، تقديره: أفمن شرح الله صدره كالقاسي القلب المعرض عن أمر الله. وشرح الصدر: استعارة لتحصيله للنظر الجيد والإيمان بالله.
و «النور» هداية الله تعالى، وهي أشبه شيء بالضوء. قال ابن مسعود: قلنا يا رسول الله كيف انشراح الصدر؟ قال:«إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح» ، قالوا وما علامة ذلك؟ قال:«الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والتأهب للموت قبل الموت» . و «القسوة» : شدة القلب، وهي مأخوذة من قسوة الحجر، شبه قلب الكافر به في ضلالته وقلة انفعاله للوعظ. وقال مالك بن دينار: ما ضرب العبد بعقوبة أعظم من قسوة قلب، ويدل قوله: فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ على المحذوف المقدر.
وقوله تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ يريد به القرآن، وروي عن ابن عباس أن سبب هذه الآية أن قوما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله حدثنا بأحاديث حسان وأخبرنا بأخبار الدهر، فنزلت الآية في ذلك.
وقوله: مُتَشابِهاً معناه: مستويا لا تناقض فيه ولا تدافع، بل يشبه بعضه بعضا في وصف اللفظ ووثاقة البراهين وشرف المعاني، إذ هي اليقين في العقائد في الله تعالى وصفاته وأفعاله وشرعه.
وقوله: مَثانِيَ معناه: موضع تثنية للقصص والأقضية، والمواعظ شتى فيه ولا تمل مع ذلك ولا يعرضها ما يعرض الحديث المعاد. قال ابن عباس: ثنى فيه الأمر مرارا. ولا ينصرف مَثانِيَ لأنه جمع لا نظير له في الواحد.