هذه سورة مكية إلا قوله تعالى: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ [هود:
الآية ١٢] ، وقوله: أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [هود: الآية ١٧] ، ونزلت في ابن سلام وأصحابه، وقوله: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ [هود: ١١٤] ، نزلت في شأن الثمار وهذه الثلاثة مدنية قاله مقاتل، على أن الأولى تشبه المكي.
وإذا أردت ب «هود» اسم السورة لم ينصرف كما تفعل إذا سميت امرأة بعمرو وزيد وإذا أردت سورة هود صرفت.
تقدم استيعاب القول في الحروف المقطعة في أوائل السور، وتختص هذه بأن قيل إن الرحمن فرقت حروفه فيها وفي حم [غافر: ١، فصلت: ١، الشورى: ١، الزخرف: ١، الدخان: ١، الجاثية: ١، الأحقاف: ١] وفي ن وَالْقَلَمِ [القلم: ١] .
وكِتابٌ مرتفع على خبر الابتداء، فمن قال الحروف إشارة إلى حروف المعجم كانت الحروف المبتدأ، ومن تأول الحروف غير ذلك كان المبتدأ «هذا كتاب» والمراد بالكتاب القرآن.
وأُحْكِمَتْ معناه أتقنت وأجيدت شبه تحكم الأمور المتقنة الكاملة، وبهذه الصفة كان القرآن في الأزل ثم فصل بتقطيعه وتنويع أحكامه وأوامره على محمد صلى الله عليه وسلم في أزمنة مختلفة ف ثُمَّ على بابها، وهذه طريقة الإحكام والتفصيل إذ الإحكام صفة ذاتية، والتفصيل إنما هو بحسب من يفصل له، والكتاب بأجمعه محكم مفصل والإحكام الذي هو ضد النسخ والتفصيل الذي هو خلاف الإجمال إنما يقالان مع ما ذكرناه باشتراك. وحكى الطبري عن بعض المتأولين: أحكمت بالأمر والنهي وفصلت بالثواب والعقاب وعن بعضهم: أحكمت من الباطل، وفصلت بالحلال والحرام ونحو هذا من التخصيص الذي