يكون هذا موضع إدغام لتنافر النون والجيم في الصفات لا في المخارج، وقال: إنما حذفت النون في الكتاب لا في اللفظ وقد حكيت هذه القراءة عن الكسائي ونافع. وقرأ عاصم وابن عامر «فنجي» بفتح الياء على وزن فعل. وقرأت فرقة «فننجي» - بنونين وفتح الياء- رواها هبيرة عن حفص عن عاصم- وهي غلط من هبيرة. وقرأ ابن محيصن ومجاهد «فنجى» - فعل ماض بتخفيف الجيم وهي قراءة نصر بن عاصم والحسن بن أبي الحسن وابن السميفع وأبي حيوة، قال أبو عمرو الداني: وقرأت لابن محيصن «فنجّى» - بشد الجيم- على معنى فنجى النصر.
و «البأس» : العذاب. وقرأ أبو حيوة «من يشاء» - بالياء- وجاء الإخبار عن هلاك الكافرين، بقوله:
وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا ... الآية- إذ في هذه الألفاظ وعيد بين، وتهديد لمعاصري محمد عليه السلام. وقرأ الحسن «بأسه» ، بالهاء.
قوله عز وجل:
[[سورة يوسف (١٢) : آية ١١١]]
لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١)
الضمير في قَصَصِهِمْ عام ليوسف وأبويه وإخوته وسائر الرسل الذين ذكروا على الجملة، ولما كان ذلك كله في القرآن قال عنه ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى فإذا تأملت قصة يوسف ظهر أن في غرائبها وامتحان الله فيها لقوم في مواضع، ولطفه لقوم في مواضع، وإحسانه لقوم في مواضع، معتبرا لمن له لب وأجاد النظر، حتى يعلم أن كل أمر من عند الله وإليه.
وقوله: ما كانَ صيغة منع، وقرينة الحال تقتضي أن البرهان يقوم على أن ذلك لا يفترى، وذلك بأدلة النبوءة وأدلة الإعجاز، و «الحديث» - هنا- واحد الأحاديث، وليس للذي هو خلاف القديم هاهنا مدخل.
ونصب تَصْدِيقَ إما على إضمار معنى كان، وإما على أن تكون لكِنْ بمعنى لكن المشددة.
وقرأ عيسى الثقفي «تصديق» بالرفع، وكذلك كل ما عطف عليه، وهذا على حذف المبتدأ، التقدير:
هو تصديق. وقال أبو حاتم: النصب على تقدير: ولكن كان، والرفع على: ولكن هو. وينشد بيت ذي الرمة بالوجهين:
وما كان مالي من تراث ورثته ... ولا دية كانت ولا كسي مأثم
ولكن عطاء الله من كل رحلة ... إلى كل محجوب السرادق خضرم
رفع عطاء الله، والنصب أجود.
والَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ هو التوراة والإنجيل، والضمير في يَدَيْهِ عائد على القرآن، وهم اسم كان.
وقوله: كُلِّ شَيْءٍ يعني من العقائد والأحكام والحلال والحرام. وباقي الآية بين.