هذه السورة مكية غير ثلاث آيات نزلت بالمدينة وهي قوله أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ [السجدة: ١٨] إلى تمام ثلاث آيات، ويأتي تفسيرها، وقال جابر بن عبد الله: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام حتى يقرأ الم «السجدة» و «تبارك»[الملك: ١] .
تَنْزِيلُ يصح أن يرتفع بالابتداء والخبر لا رَيْبَ ويصح أن يرتفع على أنه خبر ابتداء، وهو إما الحروف المشار إليها على بعض الأقوال في أوائل السور، وإما ذلك تنزيل أو نحو هذا من التقدير بحسب القول في الحروف وقوله تعالى: لا رَيْبَ فِيهِ أي هو كذا في نفسه ولا يراعى ارتياب الكفرة، وقوله مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ متعلق ب تَنْزِيلُ، ففي الكلام تقديم وتأخير، ويجوز أن يتعلق بقوله لا رَيْبَ أي لا شك فيه من جهة الله تعالى وإن وقع شك للفكرة فذلك لا يراعى، والريب الشك وكذلك هو في كل القرآن إلا قوله رَيْبَ الْمَنُونِ [الطور: ٣٠] وقوله أَمْ يَقُولُونَ إضراب، كأنه قال بل أيقولون، وافْتَراهُ اختلقه، ثم رد تعالى على مقالتهم هذه وأخبر أنه الْحَقُّ من عند الله، واللام في قوله لِتُنْذِرَ يجوز أن تتعلق بما قبلها، ولا يجوز الوقف على قوله مِنْ رَبِّكَ ويجوز أن تتعلق بفعل مضمر تقديره أنزله لتنذر فيوقف حينئذ على قوله مِنْ رَبِّكَ، وقوله ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ أي لم يباشرهم ولا رأوه هم ولا آباؤهم العرب، وقوله تعالى: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ [فاطر: ٢٤] يعم من بوشر من النذر ومن سمع به فالعرب من الأمم التي خلت فيها النذر على هذا الوجه لأنها علمت بإبراهيم وبنيه ودعوتهم وهم ممن لم يأتهم نذير مباشر لهم سوى محمد صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عباس ومقاتل: المعنى لم يأتهم نذير في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام، وقوله تعالى: فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ يقضي بأن يوما من أيام الجمعة بقي لم يخلق فيه شيء، وتظاهرت الأحاديث الصحاح أن الخلق ابتدئ يوم الأحد، وخلق آدم يوم الجمعة آخر الأشياء فهذا مستقيم مع هذه الآية.