للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[سورة نوح]

وهي مكية بإجماع من المتأولين. قال أبي بن كعب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ سورة نوح كان من المؤمنين الذين تدركهم دعوة نوح.

قوله عز وجل:

[سورة نوح (٧١) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١) قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤)

«نوح» عليه السلام هو نوح بن لامك، وقد مر ذكره وذكر عمره صلى الله عليه وسلم، وصرف نوح مع عجمته وتعريفه لخفته وسكون الوسط من حروفه، وقوله: أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ يحتمل أن تكون أَنْ:

مفسرة لا موضع لها من الإعراب، ويحتمل أن يكون التقدير «بأن أنذر قومك» وهي على هذا في موضع نصب عند قوم من النحاة، وفي موضع خفض عند آخرين، وفي مصحف عبد الله بن مسعود «إلى قومه أنذر قومك» دون أَنْ، والعذاب الذي توعدوا به: يحتمل أن يكون عذاب الدنيا وهو الأظهر والأليق بما يأتي بعد، ويحتمل أن يكون عذاب الآخرة. وقرأ جمهور السبعة: «أن اعبدوا» ، بضم النون من «أن» اتباعا لضمة الباء وتركا لمراعاة الحائل لخفة السكون، فهو كأن ليس ثم حائل. وقرأ عاصم وحمزة وأبو عمرو، وفي رواية عبد الوارث «أن اعبدوا» ، بكسر النون وهذا هو الأصل في التقاء الساكنين من كلمتين.

ويَغْفِرْ جواب الأمر وقوله تعالى: مِنْ ذُنُوبِكُمْ قال قوم مِنْ زائدة، وهذا نحو كوفي، وأما الخليل وسيبويه فلا يجوز عندهم زيادتها في الواجب، وقال قوم: هي لبيان الجنس، وهذا ضعيف لأنه ليس هنا جنس يبين، وقال آخرون هي بمعنى «عن» . وهذا غير معروف في أحكام «من» ، وقال آخرون: هي لابتداء الغاية وهذا قول يتجه كأنه يقول يبتدئ الغفران من هذه الذنوب العظام التي لهم. وقال آخرون: هي للتبعيض، وهذا عندي أبين الأقوال، وذلك أنه لو قال: «يغفر لكم ذنوبكم» لعم هذا اللفظ ما تقدم من الذنوب وما تأخر عن إيمانهم، والإسلام إنما يجبّ ما قبله، فهي بعض من ذنوبهم، فالمعنى يغفر لكم ذنوبكم، وقال بعض المفسرين: أراد يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ المهم الموبق الكبير لأنه أهم عليهم، وبه ربما كان اليأس عن الله قد وقع لهم وهذا قول مضمنه أن مِنْ للتبعيض والله تعالى الموفق. وقرأ أبو

<<  <  ج: ص:  >  >>