الخيرات متممة عن الأصمعي، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«قاتل الله قوما أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدقوه» ، وروى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لو فر أحدكم من رزقه لتبعه كما يتبعه الموت» ، وأحاديث الرزق والأشعار فيه كثيرة.
وقوله: هَلْ أَتاكَ تقرير لتجتمع نفس المخاطب، وهذا كما تبدأ المرء إذا أردت أن تحدثه بعجيب فتقرره هل سمع منك أم لا؟ فكأنه تقتضي منه أن يقول لا ويستطعمك الحديث. و: ضَيْفِ اسم جنس يقع للجميع والواحد. وروي أن أضياف إبراهيم هؤلاء: جبريل ومكائيل وإسرافيل وأتباع لهم من الملائكة. وجعلهم تعالى «مكرمين» إما لأنهم عنده كذلك، وهذا قول الحسن. وإما من حيث أكرمهم إبراهيم وخدمهم هو وسارة. وذبح لهم العجل. وقيل من حيث رفع مجالسهم و: سَلاماً منصوب على المصدر كأنهم قالوا: تسلم سلاما: أو سلمت سلاما، ويتجه فيه أن يعمل فيه (قالوا) على أن نجعل سَلاماً بمنزلة قولا. ويكون المعنى حينئذ أنهم قالوا تحية وقولا معناه: سَلاماً، وهذا قول مجاهد.
وقوله: سَلامٌ مرتفع على خبر ابتداء. أي أمر سَلامٌ. أو واجب لكم سَلامٌ، أو على الابتداء والخبر محذوف، كأنه قال: سلام عليكم وإبراهيم عليه السلام قد حيا بأحسن لأن قولهم دعاء وقوله واجب قد تحصل لهم.
وقرأ ابن وثاب والنخعي وحمزة والكسائي وطلحة وابن جبير قال:«سلم» بكسر السين وسكون اللام. والمعنى نحن سلم وأنتم سلم.
وقوله: قَوْمٌ مُنْكَرُونَ معناه: لا نميزهم ولا عهد لنا بهم. وهذا أيضا على تقدير: أنتم قَوْمٌ مُنْكَرُونَ وقال أبو العالية: أنكر سلامهم في تلك الأرض وفي ذلك الزمن و: «راغ» معناه مضى إثر حديثه مخفيا زواله مستعجلا. كأنه لم يرد أن يفارقهم فمضى إلى ناحية من داره مستعجلا ورجع من حينه. وهذا تشبيه بالروغان المعروف، لأن الرائغ يوهم أنه لم يزل. والعجل: هو الذي حنذه، والقصة قد مضت مستوعبة في غير هذه السورة، وروي عن قتادة أن أكثر مال إبراهيم كان البقر وكان مضيافا. وحسبك أنه أوقف للضيافة أوقافا تمضيها الأمم على اختلاف أديانها وأجناسها.