وقال أيضا: وقيل نزلت الآية حين صد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت، وواسِعٌ معناه متسع الرحمة عليهم أين يضعها، وقيل واسِعٌ معناه هنا أنه يوسع على عباده في الحكم دينه يسر، عَلِيمٌ بالنيات التي هي ملاك العمل، وإن اختلفت ظواهره في قبلة وما أشبهها.
قرأ هذه الآية عامة القراء «وقالوا» بواو تربط الجملة بالجملة، أو تعطف على سَعى [البقرة: ١١٤] ، وقرأ ابن عامر وغيره «قالوا» بغير واو، وقال أبو علي: وكذلك هي في مصاحف أهل الشام، وحذف منه الواو يتجه من وجهين، أحدهما أن هذه الجملة مرتبطة في المعنى بالتي قبلها فذلك يغني عن الواو، والآخر أن تستأنف هذه الجملة ولا يراعى ارتباطها بما تقدم، واختلف على من يعود الضمير في قالُوا، فقيل: على النصارى، لأنهم قالوا المسيح ابن الله.
قال القاضي أبو محمد: وذكرهم أشبه بسياق الآية، وقيل: على اليهود، لأنهم قالوا عزير ابن الله، وقيل: على كفرة العرب لأنهم قالوا الملائكة بنات الله، وسُبْحانَهُ مصدر معناه تنزيها له وتبرئة مما قالوا، وما رفع بالابتداء، والخبر في المجرور، أو في الاستقرار المقدر، أي كل ذلك له ملك، والذي قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً داخل في جملة ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ولا يكون الولد إلا من جنس الوالد لا من المخلوقات المملوكات.
والقنوت في اللغة الطاعة، والقنوت طول القيام في عبادة، ومنه القنوت في الصلاة، فمعنى الآية أن المخلوقات كلها تقنت لله أي تخضع وتطيع، والكفار والجمادات قنوتهم في ظهور الصنعة عليهم وفيهم، وقيل: الكافر يسجد ظله وهو كاره.
وبَدِيعُ مصروف من مبدع كبصير من مبصر، ومثله قول عمرو بن معديكرب:[الوافر] :
أمن ريحانة الداعي السميع يريد المسمع، والمبدع المخترع المنشئ، ومنه أصحاب البدع، ومنه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في صلاة رمضان:«نعمت البدعة هذه» .
وخص السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بالذكر لأنها أعظم ما نرى من مخلوقاته جل وعلا، وقَضى، معناه قدر، وقد يجيء بمعنى أمضى، ويتجه في هذه الآية المعنيان، فعلى مذهب أهل السنة قدر في الأزل