داخلة في صفة الكتاب، وقيل ذِكْرى في موضع نصب بفعل مضمر تقديره لتنذر به وتذكر ذكرى للمؤمنين، وقيل نصبها على المصدر وقيل ذِكْرى في موضع خفض عطفا على قوله لِتُنْذِرَ أي لإنذارك وذكرى.
وقوله تعالى: اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ الآية، قال الطبري وحكاه: التقدير قل اتبعوا، فحذف القول لدلالة الإنذار المتقدم الذكر عليه، وقالت فرقة قوله اتبعوا أمر يعم النبي صلى الله عليه وسلم وأمته.
قال القاضي أبو محمد: والظاهر أن يكون أمرا لجميع الناس أي اتبعوا ملة الإسلام والقرآن، وقرأ الجحدري «ابتغوا ما أنزل» ، من الابتغاء، وقرأ مجاهد «ولا تبتغوا» من الابتغاء أيضا، وقوله أَوْلِياءَ، يريد كل ما عبد واتبع من دون الله كالأصنام والأحبار والكهان والنار والكواكب وغير ذلك، والضمير في قوله مِنْ دُونِهِ راجع على رَبِّكُمْ، هذا أظهر وجوهه وأبينها، وقيل يعود على قوله اتَّبِعُوا ما، وقيل يعود على الكتاب المتقدم الذكر، وقَلِيلًا نعت لمصدر نصب بفعل مضمر، وقال مكي هو منصوب بالفعل الذي بعده، قال الفارسي وما في قوله ما تَذَكَّرُونَ موصولة بالفعل وهي مصدرية، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر «تذكّرون» بتشديد الذال والكاف، وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص «تذكّرون» بتخفيف الذال وتشديد الكاف، وقرأ ابن عامر «يتذكرون» بالياء كناية عن غيب، وروي عنه أنه قرأ «تتذكرون» بتاءين على مخاطبة حاضرين.
كَمْ في موضع رفع بالابتداء والخبر أَهْلَكْناها، ويصح أن يكون الخبر في قوله فَجاءَها وأَهْلَكْناها صفة، ويصح أن تكون في موضع نصب بفعل مقدر بعدها تقديره وكم أهلكنا من قرية أهلكناها، وقدر الفعل بعدها- وهي خبرية- تشبيها لها بالاستفهامية في أن لها في كل حال صدر الكلام، وقالت فرقة المراد وكم من أهل قرية وحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقام المضاف، وقالت فرقة إنما عبر بالقرية لأنها أعظم في العقوبة إذا هلك البشر وقريتهم، وقد بين في آخر الآية بقوله أَوْ هُمْ أن البشر داخلون في الهلاك، فالآية على هذا التأويل تتضمن هلاك القرية وأهلها جميعا، وعلى التأويل الأول تتضمن هلاك الأهل ولا معنى لذكر القرية، والمراد بالآية التكثير، وقرأ ابن أبي عبلة:«وكم من قرية أهلكناهم فجاءهم بأسنا» . وقوله فَجاءَها يقتضي ظاهره أن المجيء بعد الإهلاك، وذلك مستحيل فلم يبق إلا أن يعدل على ظاهر هذا التعقيب فقيل الفاء قد تجيء بمنزلة الواو ولا تعطى رتبة.