يلزمه- على هذا- أن يكون أجمعين، يقرب من التنكير إذ هو معرفة لكونه يلزم اتباع المعارف، والقراءة بالرفع تأبى قوله.
وقوله: إِلَّا إِبْلِيسَ قيل: إنه استثناء من الأول، وقيل: إنه ليس من الأول. وهذا متركب على الخلاف في إِبْلِيسَ، هل هو من الملائكة أم لا؟ والظاهر- من كثير من الأحاديث ومن هذه الآية- أنه من الملائكة وذلك أن الله تعالى أمر الملائكة بالسجود، ولو لم يكن إبليس من الملائكة لم يذنب في ترك السجود. وقد روي عن الحسن بن أبي الحسن: أن إبليس إنما كان من قبيل الجن ولم يكن قط ملكا ونسب ابن فورك القول إلى المعتزلة، وتعلق من قال هذا بقوله في صفته: كانَ مِنَ الْجِنِّ [الكهف: ٥٠] وقالت الفرقة الأخرى: لا حجة في هذا لأن الملائكة قد تسمى جنا لاستتارها وقد قال تعالى: وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً [الصافات: ١٥٨] .
وقوله تعالى: قالَ: يا إِبْلِيسُ، قيل: إنه- حينئذ- سما «إبليس» ، وإنما كان اسمه- قبل- عزازيل، وهو من الإبلاس وهو الإبعاد، أي يا مبعد، وقالت طائفة:«إبليس» كان اسمه، وليس باسم مشتق، بل هو أعجمي، ويقضي بذلك أنه لا ينصرف، ولو كان عربيا مشتقا لكان كإجفيل- من أجفل- وغيره، ولكان منصرفا، قاله أبو علي الفارسي.
وقوله: أَلَّا تَكُونَ «أن» في موضع نصب، وقيل: في موضع خفض، والأصل: مالك ألا تكون؟
وقول إبليس لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ ليس هذا موضع كفره عند الحذاق، لأن إبايته إنما هي معصية فقط، وأما قوله وتعليله فإنما يقتضي أن الله خلق خلقا مفضولا وكلف أفضل منه أن يذل له، فكأنه قال: وهذا جور، وذلك أن إبليس لما ظن أن النار أفضل من الطين ظن أن نفسه أفضل من آدم من النار يأكل الطين، فقاس وأخطأ في قياسه، وجهل أن الفضائل إنما هي حيث جعلها الله المالك للجميع لا رب غيره.
الضمير في مِنْها للجنة، وإن لم يجر ذكرها في القصة تتضمنها، ويحتمل أن يعود الضمير على ضيفة الملائكة، وال رَجِيمٌ المشتوم أي المرجوم بالقول والشتم، ويَوْمِ الدِّينِ يوم الجزاء، ومنه قول الشاعر: