وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (١٠)
قوله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ نداء للنبي صلى الله عليه وسلم، واختلف الناس لم نودي بهذا، فقالت عائشة والنخعي وجماعة: لأنه كان وقت نزول الآية متزملا بكساء، والتزمل: الالتفاف في الثياب بضم وتشمير، ومنه قول امرئ القيس:[الطويل]
كأن أبانا في أفانين ودقة ... كبير أناس في بجاد مزمل
أي ملفوف، وخفض مزمل في هذا البيت هو على الجوار، وإنما هو نعت لكبير، فهو عليه السلام على قول هؤلاء، إنما دعي بهيئة في لباسه. وقال قتادة، كان تزمل في ثيابه للصلاة واستعد فنودي على معنى يا أيها المستعد للعبادة المتزمل لها، وهذا القول مدح له صلى الله عليه وسلم. وقال عكرمة معناه:
يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ للنبوءة وأعبائها، أي المتشمر المجدّ. وقال جمهور المفسرين والزهري بما في البخاري من أنه عليه السلام لما جاءه الملك في غار حراء وحاوره بما حاوره رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خديجة فقال: زملوني زملوني: فنزلت يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [المدثر: ١] ، وعلى هذا نزلت يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ. وفي مصحف ابن مسعود وأبي بن كعب «يا أيها المتزمل» . وقرأ بعض السلف «يا أيها المزمّل» بفتح الزاي وتخفيفها وفتح الميم وشدها، والمعنى الذي زمله أهله أو زمل للنبوءة. وقرأ عكرمة «يا أيها المزمّل» بكسر الميم المشددة وتخفيف الزاي أي المزمل نفسه، واختلف الناس في هذا الأمر بقيام الليل كيف كان؟ فقال جمهور أهل العلم: هو أمر على جهة الندب مذ كان لم يفرض قط، ويؤيد هذا: الحديث