السين والباء والعين فهو شديد الأمر، من ذلك السبعة فإنها عدد مقنع هي في السماوات وفي الأرض وفي خلق الإنسان وفي رزقه وفي أعضائه التي بها يطيع الله وبها يعصيه، وبها ترتيب أبواب جهنم فيما ذكر بعض الناس، وهي عيناه وأذناه ولسانه وبطنه وفرجه ويداه ورجلاه، وفي سهام الميسر وفي الأقاليم وغير ذلك.
ومن ذلك السبع والعبوس والعنبس ونحو هذا من القول، وقوله ذلِكَ إشارة إلى امتناع الغفران، وقوله: وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ إما من حيث هم فاسقون، وإما أنه لفظ عموم يراد به الخصوص فيمن يوافي على كفره.
هذه آية تتضمن وصف حالهم على جهة التوبيخ لهم وفي ضمنها وعيد، وقوله الْمُخَلَّفُونَ لفظ يقتضي تحقيرهم وأنهم الذين أبعدهم الله من رضاه وهذا أمكن في هذا من أن يقال المتخلفون، ولم يفرح إلا منافق، فخرج من ذلك الثلاثة وأصحاب العذر، و «مقعد» مصدر بمعنى القعود، ومثله:
من كان مسرورا بمقتل مالك وقوله خِلافَ معناه بعد وأنشد أبو عبيدة في ذلك:[الكامل]
عقب الربيع خلافهم فكأنّما ... بسط الشواطب بينهنّ حصير
يريد بعدهم ومنه قول الشاعر:[الطويل]
فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى ... تأهّب لأخرى مثلها فكأن قد
وقال الطبري هو مصدر خالف يخالف.
قال القاضي أبو محمد: فعلى هذا هو مفعول له، والمعنى فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ لخلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مصدر ونصبه في القول الأول كأنه على الظرف، و «كراهيتهم» لما ذكر هي شح إذ لا يؤمنون بالثواب في سبيل الله فهم يظنون بالدنيا، وقولهم لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ كان لأن غزوة تبوك كانت في وقت شدة الحر وطيب الثمار والظلال، قاله ابن عباس وكعب بن مالك والناس، فأقيمت عليهم الحجة بأن قيل لهم فإذا كنتم تجزعون من حر القيظ فنار جهنم التي هي أشد أحرى أن تجزعوا منها