وآلَ فِرْعَوْنَ: قومه وأتباعه ومنه قول الشاعر [أراكة الثقفي] : [الطويل]
فلا تبك ميتا بعد ميت أجنه ... علي وعباس وآل أبي بكر
يريد: المسلمين في مواراة النبي عليه السلام، ويحتمل أن يريد ب آلَ فِرْعَوْنَ: قرابته على عرف الآن، وخصصهم بالذكر، لأنهم عمدة القوم وكبراؤهم.
وقوله: كَذَّبُوا بِآياتِنا يحتمل أن يريد آلَ فِرْعَوْنَ المذكورين. و: (أخذناهم) كذلك يريدهم بالضمير، لأن ذلك الإغراق الذي كان في البحر، كان بالعزة والقدرة، ويكون قوله: بِآياتِنا يريد بها:
التسع، ثم أكد بكلها، ويحتمل أن يكون قوله: وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ كلاما تاما، ثم يكون قوله:
كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها يعود الضمير في كُلِّها على جميع من ذكر من الأمم المذكورة.
وقوله تعالى: أَكُفَّارُكُمْ الآية خطاب لقريش، وفهم على جهة التوبيخ. أثم خصلة من المال أو قوة أبدان وبسطة أو عقول أو غير ذلك ممنا يقتضي أنكم خير من هؤلاء المعذبين لما كذبوا، فيرجى لكم بذلك الفضل النجاء من العذاب حين كذبتم رسولكم؟ أَمْ لَكُمْ في كتب الله المنزلة بَراءَةٌ من العذاب؟ قاله الضحاك وابن زيد وعكرمة، ثم قال تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: أَمْ يَقُولُونَ نحن واثقون بجماعتنا منتصرون بقوتنا على جهة الإعجاب والتعاطي؟ سيهزمون، فلا ينفع جمعهم. وقرأ أبو حيوة «أم تقولون» بالتاء من فوق.
قوله عز وجل:
[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٤٥ الى ٥٥]
سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ (٤٦) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٤٧) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (٤٩)
وَما أَمْرُنا إِلاَّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠) وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٥١) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (٥٣) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤)
فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (٥٥)
هذه عدة من الله تعالى لرسوله أن جمع قريش سيهزم نصرة له، والجمهور على أن الآية مكية، وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: كنت أقول في نفسي أي جمع يهزم؟ فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثبت في الدرع ويقول سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ.
قال القاضي أبو محمد: فإنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدر مستشهدا بالآية. وقال قوم: إن الآية نزلت يوم بدر.
وقال أبو حاتم: وقرأ بعض القراء: «سيهزم» بفتح الياء وكسر الزاي «الجمع» نصبا، قال أبو عمرو الداني قرأ أبو حيوة: «سنهزم» بالنون وكسر الزاي «الجمع» نصبا. «وتولون» بالتاء من فوق، ثم تركت هذه