للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجزىء حتى يسلم، ولا يجزىء عند مالك من فيه شعبة حرية كالمدبر وأم الولد ونحوه.

وقوله تعالى فَمَنْ لَمْ يَجِدْ معناه لم يجد في ملكه أحد هذه الثلاثة من الإطعام أو الكسوة أو عتق الرقبة واختلف العلماء في حد هذا العادم الوجد حتى يصح له الصيام، فقال الشافعي رحمه الله وجماعة من العلماء إذا كان المكفر لا يملك إلا قوته وقوت عياله يومه وليلته فله أن يصوم، فإن كان عنده زائدا على ذلك ما يطعم عشرة مساكين لزمه الإطعام، وهذا أيضا هو مذهب مالك وأصحابه قال مالك في المدونة: لا يجزئه سيام وهو يقدر على أحد الوجوه الثلاثة، وروي عن ابن القاسم أن من تفضل له نفقة يوم فإنه لا يصوم، وقال ابن المواز: ولا يصوم الحانث حتى لا يجد إلا قوته أو يكون في البلد لا يعطف عليه فيه، وقال ابن القاسم في كتاب ابن مزين: إن كان لحانث فضل عن قوت يومه أطعم إلا أن يخاف الجوع أو يكون في بلد لا يعطف عليه فيه، وقال سعيد بن جبير: إن لم يكن له إلا ثلاثة دراهم أطعم وقال قتادة: إذا لم يكن له إلا قدر ما يكفر به صام، وقال الحسن بن أبي الحسن: إذا كان له درهمان أطعم، قال الطبري: وقال آخرون: جائز لمن لم تكن عنده مائتا درهم أن يصوم وهو ممن لا يجد، وقال آخرون:

جائز لمن لم يكن عنده فضل على رأس ماله الذي يتصرف به في معاشه أن يصوم، وقرأ أبي بن كعب فصيام ثلاثة أيام متتابعات، وكذلك عبد الله بن مسعود وإبراهيم النخعي، وقال بذلك جماعة من العلماء منهم مجاهد وغيره، وقال مالك رحمه الله وغيره: إن تابع فحسن وإن فرق أجزأ، وقوله تعالى: ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إشارة إلى ما ذكر من الأشياء الثلاثة وقوله إِذا حَلَفْتُمْ معناه ثم أردتم الحنث أو وقعتم فيه وباقي الآية وصاة وتوقيف على النعمة والإيمان.

قوله عز وجل:

[سورة المائدة (٥) : الآيات ٩٠ الى ٩٢]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠) إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (٩١) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٩٢)

الخطاب للمؤمنين جميعا، لأن هذه الأشياء شهوات وعادات قد تلبس بها في الجاهلية وغلبت على النفوس فكان بقي منها في نفوس كثير من المؤمنين، فأما الْخَمْرُ فكانت لم تحرم بعد، وأما الْمَيْسِرُ ففيه قمار ولذة للفارغ من النفوس ونفع أيضا بوجه ما، وأما الْأَنْصابُ وهي حجارة يذكون عندها لفضل يعتقدونه فيها، وقيل هي الأصنام المعبودة كانوا يذبحون لها وعندها في الجاهلية. فإن كانت المرادة في هذه الآية الحجارة التي يذبح عندها فقط فذلك لأنه كان في نفس ضعفة المؤمنين شيء من تعظيم تلك الحجارة، وهذا كما قالت امرأة الطفيل بن عمرو الدوسي لزوجها: أتخاف على الصبية من ذي الشرى شيئا؟

وذو الشرى صنم لدوس، وإن كانت المرادة في هذه الآية الأصنام فإنما قرنت بهذه الأمور ليبين النقص في هذه إذ تقرن بالأصنام، ولا يتأول أنه بقي في نفس مؤمن شيء من تعظيم الأصنام والتلبس بها حتى يقال له

<<  <  ج: ص:  >  >>