للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في اضطراب أفئدتهم وجيشانها في صدورهم وأنها تجيء وتذهب وتبلغ على ما روي- حناجرهم- فهي في ذلك كالهواء الذي هو أبدا في اضطراب.

قال القاضي أبو محمد: وعلى هاتين الجهتين يشبه قلب الجبان وقلب الرجل المضطرب في أموره بالهواء، فمن ذلك قول الشاعر: [الطويل]

ولا تكن من أخدان كل يراعة ... هواء كسقب الناب جوفا مكاسره

ومن ذلك قول حسان: [الوافر]

ألا أبلغ أبا سفيان عني ... فأنت مجوف نخب هواء

ومن ذلك قول زهير: [الوافر]

كأن الرحل منه فوق صعل ... من الظلمان جوجؤه هواء

فالمعنى: أنه في غاية الخفة في إجفاله.

وقوله تعالى: وَأَنْذِرِ النَّاسَ الآية، المراد ب يَوْمَ يوم القيامة ونصبه على أنه مفعول ب أَنْذِرِ ولا يجوز أن يكون ظرفا، لأن القيامة ليست بموطن إنذار، وقوله: فَيَقُولُ رفع عطفا على قوله:

يَأْتِيهِمُ وقوله: وَلَمْ تَكُونُوا إلى آخر الآية، معناه: يقال لهم، فحذف ذلك إيجازا، إذ المعنى يدل عليه، وقوله: ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ هو المقسم عليه نقل المعنى، ومِنْ زَوالٍ معناه من الأرض بعد الموت. أي لا بعث من القبور، وهذه الآية ناظرة إلى ما حكى عنهم في قوله: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ [النحل: ٣٨] .

قوله عز وجل:

[سورة إبراهيم (١٤) : الآيات ٤٥ الى ٤٨]

وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (٤٥) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (٤٦) فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ (٤٧) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (٤٨)

يقول عز وجل: وَسَكَنْتُمْ أيها المعرضون عن آيات الله من جميع العالم فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بالكفر من الأمم السالفة، فنزلت بهم المثلات، فكان نولكم الاعتبار والاتعاظ.

وقرأ الجمهور «وتبين» بتاء. وقرأ السلمي- فيما حكى المهدوي- «ونبين» بنون عظمة مضمومة وجزم، على معنى: أو لم يبين، عطف على أَوَلَمْ تَكُونُوا [إبراهيم: ٤٤] قال أبو عمرو: وقرأ أبو عبد الرحمن: بضم النون ورفع النون الأخيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>