وقوله تعالى: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ روي عن ابن زيد الْأَثِيمِ المشار إليه: أبو جهل، ثم هي بالمعنى تتناول كل أثيم، وهو كل فاجر يكتسب الإثم، وروي عن ابن زيد أن أبا الدرداء أقرأ أعرابيا فكان يقول:«طعام اليتيم» ، فرد عليه أبو الدرداء مرارا فلم يلقن، فقال له: قل «طعام الفاجر» ، فقرئت كذلك، وإنما هي على التفسير. و: شَجَرَةَ الزَّقُّومِ هي الشجرة الملعونة في القرآن، وهي تنبت في أصل الجحيم، وهي التي طلعها كأنه رؤوس الشياطين.
وروي أن أبا جهل لما نزلت هذه الآية فيه، وأشار الناس بها إليه، جمع عجوة بزبد ودعا إليها ناسا وقال لهم:«تزقموا، فإن الزقوم هو عجوة يثرب بالزبد، وهو طعامي الذي حدّث به محمد» ، وإنما قصد بذلك ضربا من المغالطة والتلبيس على الجهلة.
قال ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما:«المهل» : دردي الزيت وعكره. وقال ابن مسعود وابن عباس أيضا:«المهل» ما ذاب من ذهب أو فضة أو حديد أو رصاص ونحوه. قال الحسن: كان ابن مسعود على بيت المال لعمر بالكوفة، فأذاب يوما فضة مكسرة، فلما انماعت، قال: يدخل من بالباب، فدخلوا، فقال لهم: هذا أشبه ما رأينا في الدنيا بالمهل. والمعنى أن هذه الشجرة إذا طعمها الكافر في جهنم صارت في جوفه تفعل كما يفعل المهل السخن من الإحراق والإفساد.
وقرأ نافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر:«تغلي» بالتاء على معنى: تغلي الشجرة، وهي قراءة عمرو بن ميمون وأبي رزين والحسن والأعرج وابن محيصن وطلحة. وقرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم في رواية حفص:«يغلي» على معنى: يغلي الطعام، وهي قراءة مجاهد وقتادة والحسن بخلاف عنه. و: الْحَمِيمِ: الماء الساخن الذي يتطاير من غليانه.
وقوله تعالى: خُذُوهُ الآية، معناه: يقال يومئذ للملائكة عن هذا الأثيم خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ.