للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما بعده لا مما قبله، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والعامة: «يفصل» بضم الياء وسكون الفاء وتخفيف الصاد مفتوحة، وقرأ ابن عامر والأعرج وعيسى: «يفصّل» بضم الياء وفتح الفاء وشد الصاد منصوبة، واختلف على هاتين القراءتين في إعراب قوله: بَيْنَكُمْ فقيل: نصب على الظرفية، وقيل رفع على ما لم يسم فاعله إلا أن لفظه بقي منصوبا لأنه كذلك كثر استعماله، وقرأ عاصم والحسن والأعمش: «يفصل» بفتح الياء وسكون الفاء وكسر الصاد خفيفة، وقرأ حمزة والكسائي وابن وثاب: «يفصّل» بضم الياء وفتح الفاء وشد الصاد المكسورة، وإسناد الفعل في هاتين القراءتين إلى الله تعالى، وقرأ النخعي وطلحة بن مصرف: «نفصّل» بنون العظمة مرفوعة وفتح الفاء وشد الصاد المكسورة، وقرأ بعض الناس: «نفصل» بنون العظمة مفتوحة وسكون الفاء، وقرأ أبو حيوة، بضم الياء وسكون الفاء وكسر الصاد خفيفة من: «أفصل» وفي قوله تعالى: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وعيد وتحذير، وقرأ جمهور السبعة: «إسوة» بكسر الهمزة، وقرأ عاصم وحده: «أسوة» بضمها وهما لغتان، والمعنى: قدوة وإمام ومثال، و «إبراهيم» هو خليل الرحمن، واختلف الناس في الَّذِينَ مَعَهُ، فقال قوم من المتأولين أراد من آمن به من الناس، وقال الطبري وغيره: أراد الأنبياء الذين كانوا في عصره وقريبا من عصره، وهذا القول أرجح لأنه لم يرو أن إبراهيم كان له أتباع مؤمنون في مكافحته نمرودا، وفي البخاري أنه قال لسارة حين رحل بها إلى الشام مهاجرا من بلد النمرود: ما على الأرض من يعبد الله غيري وغيرك، وهذه الأسوة مقيدة في التبري عن الإشراك وهو مطرد في كل ملة، وفي نبينا عليه السلام أسوة حسنة على الإطلاق لأنها في العقائد وفي أحكام الشرع كلها، وقرأ جمهور الناس «برءاء» على وزن فعلاء الهمزة الأولى لام الفعل، وقرأ عيسى الثقفي: «براء» ، على وزن فعال، بكسر الباء ككريم وكرام، وقرأ يزيد بن القعقاع: «براء» على وزن فعال، بضم الفاء كنوام، وقد رويت عن عيسى قراءة، قال أبو حاتم: زعموا أنه عيسى الهمداني ويجوز: «براء» على المصدر بفتح الباء يوصف به الجمع والإفراد، وقوله: كَفَرْنا بِكُمْ أي كذبناكم في أقوالكم ولم نؤمن بشيء منها، ونظير هذا قوله عليه السلام حكاية عن قول الله عز وجل: فهو مؤمن بي كافر بالكوكب ولم تلحق العلامة في: بَدا لأن تأنيث الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ غير حقيقي، ثم استثنى تعالى استغفار إبراهيم لأبيه، وذكر أنه كان عن موعدة وقد تفسر ذلك في موضعه، وهذا استثناء ليس من الأول، والمعنى عند مجاهد وقتادة وعطاء الخراساني وغيرهم: أن الأسوة لكم في هذا الوجه، لا في هذا الآخر لأنه كان في علة ليست في نازلتكم، ويحتمل أن يكون استثناء من التبري والقطيعة التي ذكرت أي لم تبق صلة إلا كذا، وقوله تعالى: رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا الآية، حكاية عن قول إبراهيم والذين معه إنه هكذا كان.

قوله عز وجل:

[سورة الممتحنة (٦٠) : الآيات ٥ الى ٧]

رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٥) لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٦) عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧)

قوله تعالى: رَبَّنا لا تَجْعَلْنا الآية، حكاية عن إبراهيم ومن معه والمعنى: لا تغلبهم علينا، فتكون

<<  <  ج: ص:  >  >>