أقسم تعالى في هذه الآية بأشياء من مخلوقاته واختلف الناس في معناها، فقال ابن مسعود ومسروق وقتادة: هي الملائكة التي تصف في السماء في عبادة الله وذكره صفوفا وقالت فرقة: أراد كل من يصف من بني آدم في قتال في سبيل الله، أو في صلاة وطاعة، والتقدير والجماعات الصافات.
قال القاضي أبو محمد: واللفظ يحتمل أن يعم هذه المذكورات كلها، ومما أقسم به عز وجل «الزاجرات» واختلف الناس في معناها أيضا فقال مجاهد والسدي: هي الملائكة التي تزجر السحاب وغير ذلك من مخلوقات الله تعالى، وقال قتادة:«الزاجرات» هي آيات القرآن المتضمنة النواهي الشرعية، وقوله فَالتَّالِياتِ ذِكْراً معناه القارئات، وقال مجاهد والسدي: أراد الملائكة التي تتلو ذكره، وقال قتادة: أراد بني آدم الذين يتلون كتبه المنزلة وتسبيحه وتكبيره ونحو ذلك، وقرأ أبو عمرو وحمزة بإدغام التاء في الذال، وهي قراءة ابن مسعود ومسروق والأعمش، وقرأ الباقون وجمهور الناس بالإظهار، وكذلك في كلها، قال أبو حاتم: والبيان اختيارنا وأما الحاملات وقرا والجاريات يسرا، فلا يجوز فيها الإدغام لبعد التاء من الحرفين، ثم بين تعالى المقسم عليه أنه توحيده وأنه واحد أي متحد في جميع الجهات التي ينظر فيها المفكر، ثم وصف تعالى نفسه بربوبيته جميع المخلوقات، وذكر الْمَشارِقِ لأنها مطالع الأنوار والعيون بها أكلف، وفي ذكرها غنية عن ذكر المغارب إذ معادلتها لها مفهومة عند كل ذي لب، وأراد تعالى مشارق الشمس وهي مائة وثمانون في السنة فيما يزعمون من أطول أيام السنة إلى أقصرها، ثم أخبر تعالى عن قدرته من تزيين السماء بالكواكب وانتظم في ذلك التزيين أن جعلها حِفْظاً وحرزا من الشياطين المردة وهم مسترقو السمع، وقرأ جمهور القراء «بزينة الكواكب» بإضافة الزينة إلى «الكواكب» ، وقرأ حمزة وحفص عن عاصم «بزينة الكواكب» بتنوين «زينة» وخفض «الكواكب» على البدل من الزينة وهي