ثياب حمر، وقال ابن زيد: خرج هو وجملته في ثياب معصفرة، وقيل: في ثياب الأرجوان، وقيل غير هذا، وأكثر المفسرون في تحديد زينة قارون وتعيينها بما لا صحة له فاختصرته، وباقي الآية في اغترار الجهلة والأغمار من الناس بين.
أخبر الله تعالى عن الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ والمعرفة بالله تعالى وبحق طاعته والإيمان به أنهم زجروا الأغمار الذين تمنوا حال قارون وحملوهم على الطريقة المثلى من أن النظر والتمني إنما ينبغي أن يكون في أمر الآخرة، وأن حالة المؤمن العامل الذي ينتظر ثَوابُ اللَّهِ تعالى خَيْرٌ من حال كل ذي دنيا، ثم أخبر تعالى عن هذه النزعة وهذه القوة في الخير والدين أنها لا يلقاها أي يمكن فيها ويخولها إلا الصابر على طاعة الله وعن شهوات نفسه، وهذا هو جماع الخير كله، والضمير من يُلَقَّاها عائد على ما لم يتقدم له ذكر من حيث الكلام دال عليه، فذلك يجري مجرى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص: ٣٢] وكُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ [الرحمن: ٢٦] وقال الطبري الضمير عائد على الكلمة قوله ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً أي لا يلقى هذه الكلمة إِلَّا الصَّابِرُونَ وعنهم تصدر، وروي في «الخسف» بقارون وبداره أن موسى عليه السلام لما أمضه فعل قارون به وتعديه عليه ورميه بأمر المرأة وغير ذلك من فعله به استجار الله تعالى وبكى وطلب النصرة فأوحى الله تعالى إليه لا تهتم فإني أمرت الأرض أن تطيعك في قارون وأهله وخاصته وأتباعه، فقال موسى للأرض خذيهم فأخذت منهم إلى الركب فاستغاثوا يا موسى يا موسى، فقال خذيهم فأخذتهم شيئا شيئا وهم يستغيثون به كل مرة وهو يلج إلى أن تم الخسف بهم، فأوحى الله تعالى إليه يا موسى استغاثوا بك فلم ترحمهم لو بي استغاثوا أو إلي تابوا لرحمتهم وكشفت ما بهم، وقال قتادة ومالك بن دينار: روي لنا أنه يخسف به كل يوم قامة فهو يتجلجل إلى يوم القيامة. و «الفئة» الجماعة الناصرة التي يفيء إليها الإنسان الطالب للنصرة، وقصة قارون هي بعد جوازهم اليم لأن الرواة ذكروا أنه كان ممن حفظ التوراة وكان يقرؤها، ثم أخبر تعالى عن حال الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ وندمهم واستشعارهم أن الحول والقوة لله تعالى.
وقوله وَيْكَأَنَّ مذهب سيبويه والخليل أن «وي» حرف تنبيه، وهي منفصلة من «كأن» لكن أضيفت في الكتاب لكثرة الاستعمال، والمعنى أنهم نبهوا من خاطبوه ثم قالوا بين الاخبار وعلى جهة التعجب