للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِما قَدَّمَ

من المعاصي وَأَخَّرَ

من الطاعات، وقال زيد بن أسلم: بِما قَدَّمَ

لنفسه من ماله وبما أخر منه للوارث، وقوله تعالى: بَلِ الْإِنْسانُ

إضراب بمعنى الترك لا على معنى إبطال القول الأول، وبَصِيرَةٌ

يحتمل أن يكون خبرا عن الإنسان ولحقته هاء التأنيث كما لحقت علامة ونسابة، والمعنى فيه وفي عقله وفطرته حجة وطليعة وشاهد مبصر على نفسه، والهاء للتأنيث، ويراد ب «البصيرة» جوارحه أو الملائكة الحفظة وهذا تأويل ابن عباس، و «المعاذير» هنا قال الجمهور: هي الأعذار جمع معذرة، وقال السدي والضحاك: هي الستور بلغة اليمن يقولون للستر المعذار، وقال الحسن: المعنى بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ

بلية ومحنة، كأنه ذهب إلى البصيرة التي هي طريقة الدم وداعية طلب الثأر وفي هذا نظر.

قوله عز وجل:

[سورة القيامة (٧٥) : الآيات ١٦ الى ٣٠]

لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (١٩) كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (٢٠)

وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (٢١) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (٢٥)

كَلاَّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ راقٍ (٢٧) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (٢٨) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (٣٠)

الضمير في بِهِ

عائد على كتاب الله تعالى ولم يجر له ذكر، ولكن القرائن تبينه، فهذا كقوله تعالى: تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص: ٣٢] ، وكقوله تعالى: كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ يعني النفس، واختلف المتأولون في السبب الموجب أن يؤمر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر، فقال الشعبي: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرصه على أداء الرسالة والاجتهاد في ذات الله تعالى ربما أراد النطق ببعض ما أوحي إليه قبل كمال إيراد الوحي، فأمر أن لا يجعل بالقرآن من قبل أن يفضى إليه وحيه. وجاءت هذه الآية في هذا المعنى. وقال الضحاك: كان سببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخاف أن ينسى القرآن فكان يدرسه حتى غلب ذلك عليه وشق، فنزلت الآية في ذلك، وقال كثير من المفسرين وهو في صحيح البخاري عن ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة، وكان مما يحرك شفتيه مخافة أن يذهب عنه ما يوحى إليه، فنزلت الآية بسبب ذلك وأعلمه الله تعالى أنه يجمعه له في صدره، وَقُرْآنَهُ

يحتمل أن يريد به وقراءته أي تقرأه أنت يا محمد، والقرآن مصدر كالقراءة ومنه قول الشاعر [حسان بن ثابت] في عثمان رضي الله عنه وأرضاه: [البسيط]

ضحوا بأشمط عنوان السجود به ... يقطّع الليل تسبيحا وقرآنا

ويحتمل أن يريد إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ

وتأليفه في صدر صدرك فهو مصدر من قولك قرأت أي جمعت، ومنه قولهم في المرأة التي لم تلد ما قرأت سلاقط، ومنه قول الشاعر [عمرو بن كلثوم] : [الوافر]

ذراعي عيطل أدماء بكر ... هجان اللون لم تقرأ جنينا

وقوله تعالى: فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ

أي قراءة الملك الرسول عنا. وقوله تعالى: فَاتَّبِعْ

يحتمل

<<  <  ج: ص:  >  >>