التاء وضم الشين، وقول إبراهيم عليه السلام فَبِمَ تُبَشِّرُونَ تقرير على جهة التعجب والاستبعاد لكبرهما، أو على جهة الاحتقار وقلة المبالاة بالمسرة الدنيوية لمضي العمر واستيلاء الكبر. قال مجاهد:
عجب من كبره ومن كبر امرأته، وقد تقدم ذكر سنه وقت البشارة. وقولهم بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فيه شدة ما، أي بشر بما بشرت به ودع غير ذلك، وقرأ جمهور الناس «القانطين» ، والقنوط: أتم اليأس، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وابن مصرف ورويت عن عمرو «القنطين» ، وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر وحمزة، «ومن يقنط» بفتح النون في كل القرآن، وقرأ أبو عمرو والكسائي «ومن يقنط» بكسر النون، وكلهم قرأ من بَعْدِ ما قَنَطُوا [الشورى: ٢٨] بفتح النون، ورد أبو عبيد قراءة أهل الحرمين وأنكر أن يقال قنط بكسر النون، وليس كما قال لأنهم لا يجمعون إلا على قوي في اللغة مروي عندهم، وهي قراءة فصيحة إذ يقال قنط يقنط وقنط يقنط مثل نقم ونقم، وقرأ الأعمش هنا «يقنط» بكسر النون، وقرأ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا [الشورى: ٢٨] بكسر النون أيضا، فقرأ باللغتين، وقرأ الأشهب «يقنط» بضم النون وهي قراءة الحسن والأعمش أيضا وهي لغة تميم.
القائل هنا إبراهيم عليه السلام، وقوله: فَما خَطْبُكُمْ سؤال فيه عنف، كما تقول لمن تنكر حاله:
ما دهاك وما مصيبتك؟ وأنت إنما تريد استفهاما عن حاله فقط. لأن «الخطب» لفظة إنما تستعمل في الأمور الشداد، على أن قول إبراهيم عليه السلام أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ وكونهم أيضا قد بشروه يقتضي أنه قد كان عرف أنهم ملائكة حين قال فَما خَطْبُكُمْ، فيحتمل قوله فَما خَطْبُكُمْ مع هذا أنه أضاف الخطب إليهم من حيث هم حملته إلى القوم المعذبين أي ما هذا الخطب الذي تتحملونه وإلى أي أمة. ول قَوْمٍ مُجْرِمِينَ يراد به أهل مدينة سدوم الذين بعث فيهم لوط عليه السلام، والمجرم الذي يجر الجرائر ويرتكب المحظورات، وأصل جرم وأجرم كسب، ومنه قول الشاعر:[الوافر] جريمة ناهض في رأس نيق أي كسب عقاب في قنة شامخ، ولكن اللفظة خصّت في عرفها بالشر، لا يقال لكاسب الأجر مجرم، وقولهم إِلَّا آلَ استثناء منقطع، والأول القوم الذين يؤول أمرهم إلى المضاف إليه، كذا قال سيبويه، وهذا نص في أن لفظة آلَ ليست لفظة أهل كما قال النحاس، ويجوز على هذا إضافة آلَ إلى الضمير، وأما أهيل فتصغير أهل، واجتزوا به عن تصغير «آل» ، فرفضوا «أويلا» وقرأ جمهور السبعة