الضمير في عَلَيْهِما [الآية: ٢٢] عائدا على بدنيهما إذ تمزقت عنهما ثياب الجنة، فيصح القول المذكور.
وقوله تعالى: وَقالَ ما نَهاكُما الآية هذا القول الذي حكي عن إبليس يدخله من هذا التأويل ما دخل الوسوسة، فممكن أن يقول هذا مخاطبة وحوارا، وممكن أن يقولها إلقاء في النفس ووحيا وإِلَّا أَنْ تقديره عند سيبويه والبصريين إلا كراهية أن، وتقديره عند الكوفيين «إلا أن لا» على إضمار لا.
قال القاضي أبو محمد: ويرجح قول البصريين أن إضمار الأسماء أحسن من إضمار الحروف، وقرأ جمهور الناس «ملكين» بفتح اللام وقرأ ابن عباس ويحيى بن أبي كثير والضحاك «ملكين» بكسر اللام، ويؤيد هذه القراءة قوله في آية أخرى وَمُلْكٍ لا يَبْلى [طه: ١٢٠] .
قال القاضي أبو محمد: وقال بعض الناس: يخرج من هذه الألفاظ أن الملائكة أفضل من البشر وهي مسألة اختلف الناس فيها وتمسك كل فريق بظواهر من الشريعة والفضل بيد الله، وقال ابن فورك: لا حجة في هذه الآية لأنه يحتمل أن يريد ملكين في أن لا تكون لهما شهوة في طعام، وَقاسَمَهُما أي حلف لهما بالله وهي مفاعلة إذ قبول المحلوف له وإقباله على معنى اليمين كالقسم وتقريره وإن كان بادي الرأي يعطي أنها من واحد، ومثله قول الهذلي:
وقاسمها بالله جهدا لأنتم ... ألذ من السلوى إذا ما نشورها
وروي في القصص أن آدم قال في جملة اعتذاره: ما ظننت يا رب أن أحدا يحلف حانثا، فقال بعض العلماء خدع الشيطان آدم بالله عز وجل فانخدع، ونحن من خدعنا بالله عز وجل انخدعنا له، وروي نحوه عن قتادة، واللام في قوله لَكُما متعلقة بالناصحين، فقال بعض الناس مكي وغيره: ذلك على أن تكون الألف واللام لتعريف الجنس لا بمعنى الذي، لأنها إذا كانت بمعنى الذي كان قوله لَكُما داخلا في الصلة فلا يجوز تقديمه، وأظن أن أبا علي الفارسي خرج جواز تقديمه وهي بمعنى الذي، والظاهر أنه إن جعلت بمعنى الذي كانت اللام في قوله لَكُما متعلقة بمحذوف تقديره إني ناصح لكما من الناصحين، وقال أبو العالية في بعض القراءة «وقاسمهما بالله» .
فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ يريد فغرهما بقوله وخدعهما بمكره.
قال القاضي أبو محمد: ويشبه عندي أن يكون هذا استعارة من الرجل يدلي آخر من هوة بحبل قد أرم أو بسبب ضعيف يغتر به فإذا تدلى به وتورك عليه انقطع به فهلك، فيشبه الذي يغر بالكلام حتى يصدقه