هذه السورة مكية بإجماع، وقد روي في بعض آياتها أنها مدنية، وهذا ضعيف، والأول أصح. وهذه الحواميم التي روى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها ديباج القرآن ووقفه الزجاج على ابن مسعود، ومعنى هذه العبارة أنها خلت من الأحكام، وقصرت على المواعظ والزجر وطرق الآخرة محضا (وأيضا فهي قصار) لا يلحق فيها قارئها سآمة. وروي أن عبد الله بن مسعود روى أن النبي عليه السلام قال:«من أراد أن يرتع في رياض مونقة من الجنة فليقرأ الحواميم» ، وهذا نحو الكلام الأول في المعنى. وقال عليه السلام:
تقدم القول في الحروف المقطعة في أوائل السور، وتلك الأقوال كلها تترتب في قوله: حم ويختص هذا الموضع بقول آخر، قاله الضحاك. والكسائي: إن حم هجاء «حمّ» بضم الحاء وشد الميم المفتوحة، كأنه يقول: حمّ الأمر ووقع تنزيل الكتاب من الله. وقال ابن عباس: الر [يونس: ١، هود: ١، إبراهيم: ١، يوسف: ١، الحجر: ١] و: حم [غافر: ١، فصلت: ١، الشورى: ١، الزخرف: ١، الدخان: ١، الجاثية: ١، الأحقاف: ١] و: ن [القلم: ١] هي حروف الرحمن مقطعة في سور. وقال القرظي أقسم الله بحلمه وملكه. وسأل أعرابي النبي صلى الله عليه وسلم عن: حم ما هو؟ فقال بدء أسماء وفواتح سور.
وقرأ ابن كثير: بفتح الحاء، وروي عن أبي عمرو: كسر الحاء على الإمالة، وروي عن نافع:
الفتح، وروي عنه: الوسط بينهما، وكذلك اختلف عن عاصم، وروي عن عيسى كسر الحاء على الإمالة، وقرأ جمهور الناس:«حم» بفتح الحاء وسكون الميم، وقرأ عيسى بن عمر أيضا حم بفتح الحاء وفتح