وقال وهب بن منبه:«الساهرة» : جبل بالشام يمده الله لحشر الناس يوم القيامة كيف شاء، وقال أبو العالية وسفيان:«الساهرة» : أرض قريبة من بيت المقدس، وقال قتادة:«الساهرة» : جهنم، لأنه لا نوم لمن فيها وقال ابن عباس:«الساهرة» : أرض مكة، وقال الزهري:«الساهرة» : الأرض كلها، ثم وقف تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم على جهة جمع النفس لتلقي الحديث، فقال: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى الآية، و «الوادي المقدس» : واد بالشام، قال منذر بن سعيد: هو بين المدينة ومصر، وقرأ الحسن بن أبي الحسن والأعمش وابن إسحاق:«طوى» بكسر الطاء منونة، ورويت عن عاصم، وقرأ الجمهور:«طوى» بضمها، وأجرى بعض القراء «طوى» وترك إجراءه ابن كثير وأبو عمرو ونافع وجماعة، وقد تقدم شرح اللفظة في سورة طه. وقوله تعالى: اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ تفسير النداء الذي ناداه به، ويحتمل أن يكون المعنى قال اذْهَبْ وفي هذه الألفاظ استدعاء حسن، وذلك أنه أمر أن يقول به: هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى، وهذا قول جواب كل عاقل عنده نعم أريد أن أتزكى، والتزكي هو التطهر من النقائص، والتلبس بالفضائل، وفسر بعضهم: تَزَكَّى بتسلم وفسرها بقول: لا إله إلا الله، وهذا تخصيص وما ذكرناه يعم جميع هذا، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو بخلاف عنه:«تزّكى» بشد الزاي، وقرأ الباقون:«تزكى» بتخفيف الزاي، ثم أمر موسى أن يفسر له التزكي الذي دعاه إليه بقوله: وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى، والعلم تابع للهدى والخشية تابعة للعلم، إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ [فاطر: ٢٨] ، والْآيَةَ الْكُبْرى: العصا واليد، قاله مجاهد وغيره، وهما نصب موسى للتحدي فوقعت المعارضة في الواحدة وانقلب فيها فريق الباطل. وقال بعض المفسرين: أَدْبَرَ يَسْعى حقيقة قام من موضعه موليا فارا بنفسه عن مجالسة موسى عليه السلام، وقال مجاهد: أَدْبَرَ كناية عن إعراضه عن الإيمان، ويَسْعى معناه:
يتحذم حل أمر موسى عليه السلام والرد في وجه شرعه، وقوله فَحَشَرَ معناه: جمع أهل مملكته ثم ناداهم بقوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى. وروي عن ابن عباس أنه قال: المعنى: فنادى فحشر، وقوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى نهاية في المخرقة ونحوها باق في ملوك مصر وأتباعهم.