للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها لحم ساهرة وبحر ... وما فاهوا به فلهم مقيم

وقال وهب بن منبه: «الساهرة» : جبل بالشام يمده الله لحشر الناس يوم القيامة كيف شاء، وقال أبو العالية وسفيان: «الساهرة» : أرض قريبة من بيت المقدس، وقال قتادة: «الساهرة» : جهنم، لأنه لا نوم لمن فيها وقال ابن عباس: «الساهرة» : أرض مكة، وقال الزهري: «الساهرة» : الأرض كلها، ثم وقف تعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم على جهة جمع النفس لتلقي الحديث، فقال: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى الآية، و «الوادي المقدس» : واد بالشام، قال منذر بن سعيد: هو بين المدينة ومصر، وقرأ الحسن بن أبي الحسن والأعمش وابن إسحاق: «طوى» بكسر الطاء منونة، ورويت عن عاصم، وقرأ الجمهور: «طوى» بضمها، وأجرى بعض القراء «طوى» وترك إجراءه ابن كثير وأبو عمرو ونافع وجماعة، وقد تقدم شرح اللفظة في سورة طه. وقوله تعالى: اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ تفسير النداء الذي ناداه به، ويحتمل أن يكون المعنى قال اذْهَبْ وفي هذه الألفاظ استدعاء حسن، وذلك أنه أمر أن يقول به: هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى، وهذا قول جواب كل عاقل عنده نعم أريد أن أتزكى، والتزكي هو التطهر من النقائص، والتلبس بالفضائل، وفسر بعضهم: تَزَكَّى بتسلم وفسرها بقول: لا إله إلا الله، وهذا تخصيص وما ذكرناه يعم جميع هذا، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو بخلاف عنه: «تزّكى» بشد الزاي، وقرأ الباقون: «تزكى» بتخفيف الزاي، ثم أمر موسى أن يفسر له التزكي الذي دعاه إليه بقوله: وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى، والعلم تابع للهدى والخشية تابعة للعلم، إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ [فاطر: ٢٨] ، والْآيَةَ الْكُبْرى: العصا واليد، قاله مجاهد وغيره، وهما نصب موسى للتحدي فوقعت المعارضة في الواحدة وانقلب فيها فريق الباطل. وقال بعض المفسرين: أَدْبَرَ يَسْعى حقيقة قام من موضعه موليا فارا بنفسه عن مجالسة موسى عليه السلام، وقال مجاهد: أَدْبَرَ كناية عن إعراضه عن الإيمان، ويَسْعى معناه:

يتحذم حل أمر موسى عليه السلام والرد في وجه شرعه، وقوله فَحَشَرَ معناه: جمع أهل مملكته ثم ناداهم بقوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى. وروي عن ابن عباس أنه قال: المعنى: فنادى فحشر، وقوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى نهاية في المخرقة ونحوها باق في ملوك مصر وأتباعهم.

قوله عز وجل:

[سورة النازعات (٧٩) : الآيات ٢٥ الى ٣٦]

فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى (٢٥) إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى (٢٦) أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (٢٧) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (٢٩)

وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها (٣١) وَالْجِبالَ أَرْساها (٣٢) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٣) فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى (٣٤)

يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى (٣٥) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى (٣٦)

نَكالَ منصوب على المصدر، قال قوم الْآخِرَةِ قوله: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي [القصص: ٣٨] ، والْأُولى قوله: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [النازعات: ٢٤] ، وروي أنه مكث بعد قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>