ذنب الحوت، وفي الطرف الآخر من الخيط وتد مضروب، وتركه كذلك إلى الأحد، ثم تطرق الناس حين رأوا من صنع هذا لا يبتلى كثر صيد الحوت ومشي به في الأسواق، وأعلن الفسقة بصيده وقالوا ذهبت حرمة السبت فقامت فرقة من بني إسرائيل ونهت وجاهرت بالنهي واعتزلت، والعامل في قوله: وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ قوله: لا تَأْتِيهِمْ وهو ظرف مقدم، وقرأ عمر بن عبد العزيز «حيتانهم يوم أسباتهم» ، وقرأ نافع وأبو عمرو والحسن وأبو جعفر والناس «يسبتون» بكسر الباء، وقرأ عيسى بن عمر وعاصم بخلاف «يسبتون» بضمها، وقرأ الحسن بن أبي الحسن وعاصم بخلاف «يسبتون» من أسبت إذا دخل في السبت، ومعنى قوله: كَذلِكَ الإشارة إلى أمر الحوت وفتنتهم به، هذا على من وقف على تَأْتِيهِمْ ومن وقف على كَذلِكَ فالإشارة إلى كثرة الحيتان شرعا، أي فما أتى منها فهو قليل، ونَبْلُوهُمْ أي نمتحنهم لفسقهم وعصيانهم.
قال القاضي أبو محمد: وفي قصص هذه الآية رواية وتطويل اختصرته واقتصرت منه على ما لا تفهم ألفاظ الآية إلا به.
قال جمهور المفسرين: إن بني إسرائيل افترقت ثلاث فرق، فرقة عصت وصادت، وفرقة نهت وجاهرت وتكلمت واعتزلت، وفرقة اعتزلت ولم تعص ولم تنه، وإن هذه الفرقة لما رأت مجاهرة الناهية وطغيان العاصية وعتوها قالت للناهية لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً يريدون العاصية اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ على غلبة الظن وما عهد من فعل الله حينئذ بالأمم العاصية، فقالت الناهية موعظتنا معذرة إلى الله، ثم اختلف بعد هذا فقالت فرقة إن الطائفة التي لم تعص ولم تنه هلكت مع العاصية عقوبة على ترك النهي، قاله ابن عباس، وقال أيضا: ما أدري ما فعل بهم، وقالت فرقة بل نجت مع الناهية لأنها لم تعص ولا رضيت قاله عكرمة والحسن وغيرهما، وقال ابن الكلبي فيما أسند عنه الطبري إن بني إسرائيل لم تفترق إلا فرقتين، فرقة عصت وجاهرت وفرقة نهت وغيرت واعتزلت، وقالت للعاصية إن الله يهلكهم ويعذبهم، فقالت أمة من العاصين للناهين على جهة الاستهزاء لم تعظون قوما قد علمتم أن الله مهلكهم أو معذبهم.
قال القاضي أبو محمد: والقول الأول أصوب، وتؤيده الضمائر في قوله: إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ فهذه المخاطبة تقتضي مخاطبا ومخاطبا ومكنيا عنه، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي «معذرة» بالرفع، أي موعظتنا، معذرة أي إقامة عذر، وقرأ عاصم في بعض ما روي عنه وعيسى بن عمر