قوله تعالى وَمِنَ النَّاسِ الآية، قال ابن جريح نزلت في النضر بن الحارث وأبي بن خلف وقيل في أبي جهل بن هشام ثم هي بعد تتناول كل من اتصف بهذه الصفة، و «المجادلة» المحاجة والموادة مؤخوذة من الجدل وهو الفتل والمعنى في قدرة الله تعالى وصفاته، وكان سبب الآية كلام من ذكر وغيرهم في أن الله تعالى لا يبعث الموتى ولا يقيم الأجساد من القبور، و «الشيطان» هنا هو مغويهم من الجن ويحتمل أن يكون الشيطان من الإنس والإنحاء على متبعيه، و «المريد» المتجرد من الخير للشر ومنه الأمرد، وشجرة مردى أي عارية من الورق، وصرح ممرد أي مملس من زجاج، وصخرة مرداء أي ملساء. والضمير في عَلَيْهِ عائد على الشيطان قاله قتادة ويحتمل أن يعود على المجادل وأَنَّهُ في موضع رفع على المفعول الذي لم يسم فاعله وأَنَّهُ الثانية عطف على الأولى مؤكدة مثلها وقيل هي مكررة للتأكيد فقط وهذا معترض بأن الشيء لا يؤكد إلا بعد تمامه وتمام «أن» الأولى إنما هو بصلتها في قوله السَّعِيرِ وكذلك لا يعطف ولسيبويه في مثل هذا أَنَّهُ بدل، وقيل أَنَّهُ خبر ابتداء محذوف تقديره فشأنه أنه يضله وقدره أبو علي فله أن يضله.
قال القاضي أبو محمد: ويظهر لي أن الضمير في أَنَّهُ الأولى للشيطان وفي الثانية لمن الذي هو المتولي، وقوله وَيَهْدِيهِ بمعنى يدله على طريق ذلك وليست بمعنى الإرشاد على الإطلاق، وقرأ أبو عمرو «إنه من تولاه فإنه يضله» بالكسر فيهما، وقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ الآية هذا احتجاج على العالم بالبداءة الأولى وضرب الله تعالى في هذه الآية مثلين إذا اعتبرهما الناظر جوز في العقل البعثة من القبور، ثم ورد خبر الشرع بوجوب ذلك ووقوعه، و «الريب» الشك، وقوله تعالى:
إِنْ كُنْتُمْ شرط مضمنه التوفيق، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «البعث» بفتح العين وهي لغة في البعث عند البصريين وهي عند الكوفيين تخفيف بعث وقوله تعالى: فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ يريد آدم ثم سلط الفعل عليهم من حيث هم من ذريته، وقوله تعالى: ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ يريد المني الذي يكون من البشر، و «النطفة» تقع على قليل الماء وكثيره، وقال النقاش المراد نُطْفَةٍ آدم، وقوله تعالى: ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ، يريد من الدم تعود النطفة إليه في الرحم أو المقارن للنطفة، والعلق، الدم العبيط وقيل العلق، الشديد الحمرة فسمي الدم لذلك، وقوله تعالى: ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ يريد بضعة لحم على قدر ما يمضغ، وقوله