للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعمته في الصلاة عليهم وصلاة الله تعالى على العبد هي رحمته له وبركته لديه ونشره عليه الثناء الجميل، وصلاة الملائكة هي دعاؤهم للمؤمنين، وروت فرقة أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: يا رسول الله كيف صلاة الله على عباده؟ قال «سبوح قدوس رحمتي سبقت غضبي» .

قال الفقيه الإمام القاضي: واختلف في تأويل هذا القول، فقيل إن هذا كله من كلام الله وهي صلاته على عباده، وقيل سبوح قدوس هو من كلام محمد تقدمت بين يدي نقطة باللفظ الذي هو صلاة الله وهو رحمتي سبقت غضبي، وقدم عليه السلام هذا من حيث فهم من السائل أنه توهم في صلاة الله تعالى على عباده وجها لا يليق بالله عز وجل، فقدم التنزيه لله والتعظيم بين يدي أخباره، وقوله لِيُخْرِجَكُمْ أي صلاته وصلاة ملائكته لكي يهديكم وينقذكم من الكفر إلى الإيمان، ثم أخبر تعالى برحمته بالمؤمنين تأنيسا لهم، وقوله يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ قيل يوم القيامة المؤمن تحييه الملائكة ب «السلام» ومعناه السلامة من كل مكروه، وقال قتادة يوم دخولهم الجنة يحيي بعضهم بعضا بالسلام، أي سلمنا وسلمت من كل مخوف، وقيل تحييهم الملائكة يومئذ، و «الأجر الكريم» ، جنة الخلد في جواره تبارك وتعالى.

قوله عز وجل:

[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٤٥ الى ٤٩]

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (٤٦) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً (٤٧) وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (٤٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً (٤٩)

هذه الآية فيها تأنيس للنبي عليه السلام وللمؤمنين وتكريم لجميعهم، وشاهِداً، معناه على أمتك بالتبليغ إليهم وعلى سائر الأمم في تبليغ أنبيائهم ونحو ذلك ومُبَشِّراً معناه للمؤمنين، برحمة الله تعالى وبالجنة، وَنَذِيراً معناه للعصاة والمكذبين من النار وعذاب الخلد، قال ابن عباس: لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ومعاذا فبعثهما إلى اليمن وقال «اذهبا فبشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا فإنه قد أنزل علي» وقرأ الآية. والدعاء إلى الله تعالى هو تبليغ التوحيد والأخذ به ومكافحة الكفرة.

وبِإِذْنِهِ معناه هنا بأمره إياك وتقديره ذلك في وقته وأوانه، وَسِراجاً مُنِيراً استعارة للنور الذي يتضمنه شرعه فكأن المهديين به والمؤمنين يخرجون به من ظلمة الكفر، وقوله وَبَشِّرِ الواو عاطفة جملة على جملة والمعنى منقطع من الذي قبله، أمره الله تعالى بأن يبشر المؤمنين بالفضل الكبير من الله.

قال القاضي أبو محمد: قال لنا أبي رضي الله عنه: هذه من أرجى آية عندي في كتاب الله تعالى لأن الله تعالى أمر نبيه أن يبشر المؤمنين بِأَنَّ لَهُمْ عنده فَضْلًا كَبِيراً، وقد بين تعالى الفضل الكبير ما هو في قوله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>