واحدتهن قاعد. وقال ربيعة هي هنا التي تستقذر من كبرها، قال غيره وقد تقعد المرأة عن الولد وفيها مستمتع فلما كان الغالب من النساء أن ذوات هذا السن لا مذهب للرجل فيهن أبيح لهن ما لم يبح لغيرهن.
وأزيل عنهن كلفة التحفظ المتعب إذ علة التحفظ مرتفعة منهن، وقرأ ابن مسعود «أن يضعن من ثيابهن» وهي قراءة أبي وروي عن ابن مسعود أيضا «من جلابيبهن» ، والعرب تقول امرأة واضع للتي كبرت فوضعت خمارها، ثم استثني عليهن في وضع الثياب أن لا يقصدن به التبرج وإبداء الزينة، فرب عجوز يبدو منها الحرص على أن يظهر لها جمال ونحو هذا مما هو أقبح الأشياء وأبعده عن الحق، و «التبرج» طلب البدو والظهور إلخ ... والظهور للعيون ومنه بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء: ٧٨] وأصل ذلك بروج السماء والأسوار، والذي أبيح وضعه لهذه الصنيفة الجلباب الذي فوق الخمار والرداء، قاله ابن مسعود وابن جبير وغيرهما، ثم ذكر تعالى أن تحفظ الجميع منهن واستعفافهن عن وضع الثياب والتزامهن ما يلزمه الشباب من الستر أفضل لهن وخير، وقرأ ابن مسعود «وأن يعففن» بغير سين، ثم ذكر تعالى أنه سَمِيعٌ لما يقول كل قائل وقائلة، عَلِيمٌ بمقصد كل أحد في قوله، وفي هاتين الصفتين توعد، وتحذير والله الموفق للصواب برحمته.
اختلف الناس في المعنى الذي رفع الله فيه «الحرج» عن الأصناف الثلاثة، فظاهر الآية وأمر الشريعة أن الحرج عنهم مرفوع في كل ما يضطرهم إليه العذر وتقتضي نيتهم الإتيان فيه بالأكمل، ويقتضي العذر أن يقع منهم الأنقص، فالحرج مرفوع عنهم في هذا. فأما ما قال الناس في هذا «الحرج» هنا فقال ابن زيد هو الحرج في الغزو أي لا حرج عليهم في تأخرهم، وقوله: وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ الآية معنى مقطوع من الأول، وقالت فرقة الآية كلها في معنى المطاعم قال وكانت العرب ومن بالمدينة قبل المبعث تتجنب الأكل مع أهل الأعذار فبعضهم كان يفعل ذلك تقذرا لجولان اليد من الْأَعْمى ولانبساط الجلسة من الْأَعْرَجِ ولرائحة المريض وعلاته وهي أخلاق جاهلية وكبر، فنزلت الآية مؤيدة، وبعضهم كان يفعل ذلك تحرجا من غبن أهل الأعذار إذ هم مقصرون في الأكل عن درجة الأصحاء لعدم الرؤية في الْأَعْمى وللعجز عن المزاحمة في الْأَعْرَجِ ولضعف المريض فنزلت الآية في إباحة الأكل معهم، وقال ابن عباس في كتاب