فَهَدَيْناهُمْ، وتقديره عند سيبويه: مهما يكن من شيء فهدينا ثمود هديناهم، والرفع عنده أوجه، وروي عن ابن أبي إسحاق والأعمش:«ثمودا» منونة منصوبة، وروى الفضل عن عاصم الوجهين.
وقوله تعالى: فَهَدَيْناهُمْ معناه: بينّا لهم، قاله ابن عباس وقتادة وابن زيد، وليس الهدى هنا بمعنى الإرشاد، وهذا كما هي الآن شريعة الإسلام مبينة لليهود والنصارى المختلطين لنا ولكنهم يعرضون ويشتغلون بالصد، فذلك استحباب العمى على الهدى.
وقوله تعالى: فَاسْتَحَبُّوا عبارة عن تكسبهم في العمى، وإلا فهو بالاختراع لله تعالى، ويدلك على أنها إشارة إلى تكسبهم قوله تعالى: بِما كانُوا يَكْسِبُونَ.
وقوله تعالى: الْعَذابِ الْهُونِ وصف بالمصدر، والمعنى الذي معه هوان وإذلال، ثم قرن تعالى بذكرهم ذكر من آمن واتقى ونجاته ليبين الفرق.
قوله تعالى: وَيَوْمَ نصب بإضمار فعل تقديره: واذكر يوم.
وقرأ نافع وحده والأعرج وأهل المدينة:«نحشر» بالنون «أعداء» بالنصب، إلا أن الأعرج كسر الشين. وقرأ الباقون:«يحشر» بالياء المرفوعة، «أعداء» رفعا، وهي قراءة الأعمش والحسن وأبي رجاء وأبي جعفر وقتادة وعيسى وطلحة ونافع فيما روي عنه، وحجتها يُوزَعُونَ، و: أَعْداءُ اللَّهِ هم الكفار المخالفون لأمره.
و: يُوزَعُونَ قال قتادة والسدي وأهل اللغة، معناه: يكف أولهم حبسا على آخرتهم، وفي حديث أبي قحافة يوم الفتح: ذلك الوازع. وقال الحسن البصري: لا بد للقاضي من وزعة. وقال أبو بكر: إني لا أقيد من وزعة الله تعالى. و: حَتَّى غاية لهذا الحشر المذكور، وهذا وصف حال من أحوالهم في بعض أوقات القيامة، وذلك عند وصولهم إلى جهنم فإن الله تعالى يستقرهم عند ذلك على أنفسهم ويسألون سؤال توبيخ عن كفرهم فينكرون ذلك ويحسبون أن لا شاهد عليهم، ويظنون السؤال سؤال استفهام واستخبار، فينطق الله تعالى جوارحهم بالشهادة عليهم، فروي عن النبي عليه السلام أن أول ما ينطق من الإنسان فخذه الأيسر ثم تنطق الجوارح، فيقول الكافر: تبا لك أيها الأعضاء، فعنك كنت أدافع. وفي حديث آخر: