إليه هل وافقته أو خالفته. وقالت فرقة: أراد إِلى كِتابِهَا الذي كتبته الحفظة على كل واحد من الأمة، فباجتماع ذلك قيل له كِتابِهَا، وهنا محذوف يدل عليه الظاهر تقديره: يقال لهم اليوم تجزون.
وقوله تعالى: هذا كِتابُنا يحتمل أن تكون الإشارة إلى الكتب المنزلة أو إلى اللوح المحفوظ، قال مجاهد ومقاتل: يشهد بما سبق فيه من سعادة أو شقاء، أو تكون الكتب الحفظة وقال ابن قتيبة: هي إلى القرآن.
واختلف الناس في قوله تعالى: نَسْتَنْسِخُ فقالت فرقة معناه: نكتب وحقيقة النسخ وإن كانت أن تنقل خط من أصل ينظر فيه، فإن أعمال العباد هي في هذا التأويل كالأصل، فالمعنى: إنا كنا نقيد كل ما عملتم. قال الحسن: هو كتب الحفظة على بني آدم. وروى ابن عباس وغيره حديثا أن الله تعالى يأمر بعرض أعمال العباد كل يوم خميس فينقل من الصحف التي رفع الحفظة كل ما هو معد أن يكون عليه ثواب أو عقاب ويلغى الباقي. قالت هذه الفرقة: فهذا هو النسخ من أصل. وقال ابن عباس أيضا: معنى الآية أن الله تعالى يجعل الحفظة تنسخ من اللوح المحفوظ كل ما يفعل العباد ثم يمسكونه عندهم، فتأتي أفعال العباد على نحو ذلك فتقيد أيضا، فذلك هو الاستنساخ.. وكان ابن عباس يقول: ألستم عربا؟ وهل يكون الاستنساخ إلا من أصل.
ذكر الله تعالى حال الطائفتين من المؤمنين والكافرين، وقرن بينهم في الذكر ليبين الأمر في نفس السامع، فإن الأشياء تتبين بذكر أضدادها، والْفَوْزُ: هو نيل البغية.
وقوله تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ فإن التقدير وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فيقال لهم أَفَلَمْ تَكُنْ، فحذف يقال اختصارا وبقيت الفاء دالة على الجواب الذي تطلبه أَمَّا، ثم قدم عليها ألف الاستفهام من حيث له صدر القول على كل حالة ووقف الله تعالى الكفار على الاستكبار لأنه من شر الخلال.
وقرأ حمزة وحده:«والساعة» بالنصب عطفا على قوله: وَعْدَ اللَّهِ ورويت عن أبي عمرو وعيسى والأعمش. وقرأ ابن مسعود:«حق وأن الساعة لا ريب فيها» ، وكذلك قرأ أيضا الأعمش. وقرأ الباقون:
«والساعة» رفعا، ولذلك وجهان: أحدهما الابتداء والاستئناف، والآخر العطف على موضع إِنَّ وما