ما يستقرضه الوصي الفقير إذا أيسر، واللفظ يعم هذا وسواه، والحسيب هنا المحسب، أي هو كاف من الشهود، هكذا قال الطبري، والأظهر حَسِيباً معناه: حاسبا أعمالكم ومجازيا بها، ففي هذا وعيد لكل جاحد حق.
سمى الله عز وجل الأب والدا لأن الولد منه ومن الوالدة، كما قال الشاعر:[الرجز] بحيث يعتش الغراب البائض لأن البيض من الأنثى والذكر، قال قتادة وعكرمة وابن زيد: وسبب هذه الآية، أن العرب كان منها من لا يورث النساء ويقول: لا يرث إلا من طاعن بالرمح وقاتل بالسيف فنزلت هذه الآية، قال عكرمة: سببها خبر أم كحلة، مات زوجها وهو أوس بن سويد وترك لها بنتا فذهب عم بنيها إلى أن لا ترث فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال العم: هي يا رسول الله لا تقاتل ولا تحمل كلا ويكسب عليها ولا تكسب، واسم العم ثعلبة فيما ذكره. ونَصِيباً مَفْرُوضاً، نصب على الحال، كذا قال مكي، وإنما هو اسم نصب كما ينصب المصدر في موضع الحال، تقديره: فرضا، ولذلك جاز نصبه، كما تقول: لك عليّ كذا وكذا حقا واجبا، ولولا معنى المصدر الذي فيه ما جاز في الاسم الذي ليس بمصدر هذا النصب، ولكان حقه الرفع.
وقوله: وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ الآية، اختلف المتأولون فيمن خوطب بهذه الآية على قولين: أحدهما أنها مخاطبة للوارثين، والمعنى: إذا حضر قسمتكم لمال موروثكم هذه الأصناف الثلاثة، فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ، ثم اختلف قائلو هذا القول، فقال سعيد بن المسيب وأبو مالك والضحاك وابن عباس فيما حكى عنه المهدوي: نسخ ذلك بآية المواريث. وكانت هذه قسمة قبل المواريث، فأعطى الله بعد ذلك كل ذي حق حقه، وجعلت الوصية للذين يحزنون ولا يرثون، وقال ابن عباس والشعبي ومجاهد وابن جبير: ذلك محكم لم ينسخ، وقال ابن جبير: وقد ضيع الناس هذه الآية، قال الحسن: ولكن الناس شحوا، وامتثل ذلك جماعة من التابعين، عروة بن الزبير وغيره، وأمر به أبو موسى الأشعري، واختلف القائلون بأحكامها، فقالت فرقة: ذلك على جهة الفرض والوجوب أن يعطى الورثة لهذه الأصناف ما تفه وطابت به نفوسهم، كالماعون والثوب الخلق، وما خف كالتابوت، وما تعذر قسمه، وقال ابن جبير والحسن: ذلك على جهة الندب، فمن تركه فلا حرج عليه، واختلف في هذا القول إذا كان الوارث صغيرا لا يتصرف في ماله، فقال