للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جمهور الناس «كبره» بكسر الكاف، وقرأ حميد والأعرج ويعقوب والزهري وأبو رجاء والأعمش وابن أبي عبلة «كبره» بضم الكاف وهما مصدران من كبر الشيء عظم، ولكن استعملت العرب ضم الكاف في السن تقول هذا كبر القوم أي كبيرهم سنا أو مكانة، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في قصة حويصة ومحيصة «الكبر الكبر» ومن استعماله في المعنى الثاني قول ابن الحطيم: [المنسرح]

تنام عن كبر شأنها فإذا ... قامت رويدا تكاد تنقصف

قوله عز وجل:

[سورة النور (٢٤) : الآيات ١٢ الى ١٣]

لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢) لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٣)

الخطاب بهاتين الآيتين لجميع المؤمنين حاشى من تولى الكبر ويحتمل دخولهم في الخطاب، وفي هذا عتاب للمؤمنين أي كان الإنكار واجبا عليهم، والمعنى أنه كان ينبغي أن يقيس فضلاء المؤمنين والمؤمنات الأمر على أنفسهم وإذا كان ذلك يبعد فيهم فكانوا يقضون بأنه من صفوان وعائشة أبعد لفضلهما، وروي أن هذا النظر السديد وقع من أبي أيوب الأنصاري وامرأته، وذلك أنه دخل عليها فقالت له يا أبا أيوب أسمعت ما قيل؟ فقال نعم وذلك الكذب أكنت أنت يا أم أيوب تفعلين ذلك؟ قالت لا والله، قال فعائشة والله أفضل منك، قالت أم أيوب نعم فهذا الفعل ونحوه هو الذي عاتب الله المؤمنين إذ لم يفعله جميعهم، والضمير في قوله: جاؤُ لأولئك الذين تولوا الكبر وإذا كانوا عند الله كذبة فهي الحقيقة فيهم وعند هذا حدوا، ولم يرو في شهير الدواوين أن عبد الله بن أبي حد، ويشبه ذلك لأنه لم تقم عليه بالمقالة بينة لنفاقه وتستره، وإنما كان يخوض فيه مع من يذيعه ولا يسأل عن شهادته كما قال عروة أخبرت أنه كان يقره ويستمعه ويستوشيه.

قال الفقيه الإمام القاضي: ولكن النبي عليه السلام استعذر منه على المنبر ووقذه بالقول ووقع في أمره بين الأوس والخزرج ما هو مطول في مسلم في جملة حديث الإفك.

قوله عز وجل:

[سورة النور (٢٤) : الآيات ١٤ الى ١٨]

وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٤) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (١٥) وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ (١٦) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٨)

هذا عتاب من الله تعالى بليغ ذكر أن حالتهم التي وقع فيها جميعهم من تعاطيهم الحديث وإن لم

<<  <  ج: ص:  >  >>