مِنْكُمْ أَحَدٌ
. والظاهر في يَلْتَفِتْ أنها من التفات البصر، وقالت فرقة: هي من لفت الشيء يلفته إذا ثناه ولواه، فمعناه: ولا يتثبط. وهذا شاذ مع صحته وفي كتاب الزهراوي: أن المعنى: ولا يلتفت أحد إلى ما خلف، بل يخرج مسرعا مع لوط عليه السّلام: وروي أن امرأة لوط لما سمعت الهدة ردت بصرها وقالت:
وا قوماه، فأصابها حجر فقتلها.
وقرأت فرقة: «الصبح» بضم الباء.
قوله عز وجل:
[سورة هود (١١) : الآيات ٨٢ الى ٨٣]
فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (٨٣)
روي أن جبريل عليه السّلام أدخل جناحه تحت مدائن قوم لوط واقتلعها ورفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا صراخ الديكة ونباح الكلاب، ثم أرسلها معكوسة، وأتبعهم الحجارة من السماء، وروي أن جبريل عليه السّلام أخذهم بخوافي جناحه: ويروى أن مدينة منها نجيت كانت مختصة بلوط عليه السّلام يقال لها: زغر.
وأَمْرُنا في هذه الآية يحتمل أن يكون مصدرا من أمر ويكون في الكلام حذف مضاف تقديره مقتضى أمرنا، ويحتمل أن يكون واحد الأمور، والضمير في قوله: عالِيَها سافِلَها للمدن، وأجري أَمْطَرْنا عليها كذلك، والمراد على أهلها، وروي أنها الحجارة استوفت منهم من كانوا خارج مدنهم حتى قتلتهم أجمعين. وروي أنه كان منهم في الحرم رجل فبقي حجره معلقا في الهواء حتى خرج من الحرم فقتله الحجر، و «أمطر» أبدا إنما يستعمل في المكروه، ومطر يستعمل في المحبوب، هذا قول أبي عبيدة.
قال القاضي أبو محمد: وليس كذلك وقوله تعالى: هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا [الأحقاف: ٢٤] يرد هذا القول لأنهم إنما ظنوه معتاد الرحمة، وقوله مِنْ سِجِّيلٍ اختلف فيه: فقال ابن زيد: سِجِّيلٍ: اسم السماء الدنيا.
قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف، ويرده وصفه ب مَنْضُودٍ. وقالت فرقة هو مأخوذ من لفظ السجل، أي هي من أمر كتب عليهم.
قال القاضي أبو محمد: وهذا بعيد، وقالت فرقة: هو مأخوذ من السجل إذا أرسل الشيء كما يرسل السجل وكما تقول: قالها مسجلة.
قال القاضي أبو محمد: وهذا ضعيف، وقالت فرقة: مِنْ سِجِّيلٍ معناه: من جهنم لأنه يقال:
سجيل وسجين حفظ فيها بدل النون لاما، كما قالوا: أصيلال وأصيلان. وقالت فرقة: سِجِّيلٍ معناه:
شديد وأنشد الطبري في ذلك [ابن مقبل] :
ضربا تواصى به الأبطال سجيلا