ادفعني عن الموانع وازجرني عن القواطع لأجل أن أشكر نعمتك، ويحتمل أن يكون أَوْزِعْنِي بمعنى اجعل حظي ونصيبي، وهذا من التوزيع والقوم الأوزاع، ومن قوله توزعوا المال، ف «أن» على هذا مفعول صريح. وقال ابن عباس نِعْمَتَكَ في التوحيد. و: صالِحاً تَرْضاهُ الصلوات. والإصلاح في الذرية كونهم أهل طاعة وخيرية، وهذه الآية معناها أن هكذا ينبغي للإنسان أن يفعل، وهذه وصية الله للإنسان في كل الشرائع.
وقال الطبري: وذكر أن هذه الآية من أولها نزلت في شأن أبي بكر الصديق، ثم هي تتناول من بعده، وكان رضي الله عنه قد أسلم أبواه، فلذلك قال: وَعَلى والِدَيَّ، وفي هذا القول اعتراض بأن هذه الآية نزلت بمكة لا خلاف في ذلك، وأبو قحافة أسلم عام الفتح فإنما يتجه هذا التأويل على أن أبا بكر كان يطمع بإيمان أبويه ويرى مخايل ذلك فيهما، فكانت هذه نعمة عليهما أن ليسا ممن عسا في الكفر ولج وحتم عليه ثم ظهر إيمانهما بعد، والقول بأنها عامة في نوع الإنسان لم يقصد بها أبو بكر ولا غيره أصح، وباقي الآية بين إلى قوله: مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
قوله تعالى: أُولئِكَ دليل على أن الإشارة بقوله: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ [الأحقاف: ١٥] إنما أراد الجنس.
وقرأ جمهور القراء:«يتقبّل» بالياء على بناء الفعل للمفعول وكذلك «يتجاوز» . وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم فيهما بالنون التي للعظمة «نتقبل»«أحسن» بالنصب «ونتجاوز» وهي قراءة طلحة وابن وثاب وابن جبير والأعمش بخلاف عنه. وقرأ الحسن «يتقبل» بياء مفتوحة «ويتجاوز» كذلك، أي الله تعالى وقوله: فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ يريد الذين سبقت لهم رحمة الله. وقوله: وَعْدَ الصِّدْقِ نصب على المصدر المؤكد لما قبله.
وقوله تعالى: وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما الآية، الَّذِي يعنى به الجنس على حد العموم الذي في الآية التي قبلها في قوله: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ [الأحقاف: ١٥] هذا قول الحسن وجماعة، ويشبه أن لها سببا من رجل قال ذلك لأبويه. فلما فرغ من ذكر الموفق عقب بذكر هذا العاق. وقال ابن عباس في كتاب الطبري: هذه الآية نزلت في ابن لأبي بكر ولم يسمّه.