وقرأ الحسن بن أبي الحسن: «ألقين» بتنوين الياء و: كَفَّارٍ مبالغة. و: عَنِيدٍ معناه: عاند عن الحق أي منحرف عنه.
وقوله تعالى: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ لفظ عام للمال والكلام الحسن والمعاون على الأشياء. وقال قتادة ومجاهد وعكرمة، معناه: الزكاة المفروضة، وهذا التخصيص ضعيف، و: مُعْتَدٍ معناه: بلسانه ويده.
و: مُرِيبٍ معناه: متلبس بما يرتاب به، أراب الرجل: إذا أتى بريبة ودخل فيها. قال الثعلبي قيل نزلت في الوليد بن المغيرة.
وقال الحسن: مُرِيبٍ شاك في الله تعالى ودينه.
وقوله تعالى: الَّذِي جَعَلَ الآية يحتمل أن يكون الَّذِي بدلا من كَفَّارٍ ويحتمل أن يكون صفة له من حيث تخصص كَفَّارٍ بالأوصاف المذكورة فجاز وصفه بهذه المعرفة، ويحتمل أن يكون الَّذِي ابتداء وخبره قوله: فَأَلْقِياهُ ودخلت الفاء في قوله: فَأَلْقِياهُ للإبهام الذي في الَّذِي، فحصل الشبه بالشرط وفي هذا نظر.
قال القاضي أبو محمد: ويقوى عندي أن يكون الَّذِي ابتداء، ويتضمن القول حينئذ بني آدم والشياطين المغوين لهم في الدنيا، ولذلك تحرك القرين الشيطان المغوي في الدنيا، فرام أن يبرئ نفسه ويخلصها بقوله: رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ لأنه كذب من نفي الإطغاء عن نفس جملة، والحقيقة أنه أطغاه بالوسوسة والتزين، وأطغاه الله بالخلق، والاختراع حسب سابق قضائه الذي هو عدل منه، لا رب غيره، وبوصف الضلال بالبعيد مبالغة، أي لتعذر رجوعه إلى الهدى.
وقوله تعالى: لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ معناه: قال الله لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ بهذا النوع من المقاولة التي لا تفيد شيئا إذ قد استوجب جميعكم النار، وقد أخبر بأنه تقع الخصومة لديه في الظلامات ونحوها مما فيه اختصاص. واقتضاء فائدة بقوله تعالى: ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ [الزمر: ٣١] ، وجمع الضمير في قوله: لا تَخْتَصِمُوا يريد بذلك مخاطبة جميع القرناء، إذ هو أمر شائع لا يقف على اثنين فقط، وهذا كما يقول الحاكم لخصمين: لا تغلطوا علي، يريد الخصمين ومن هو في حكمهما. وتقدمته إلى الناس بالوعيد هو ما جاءت به الرسل والكتب من تعظيم الكفرة.
قوله عز وجل:
[سورة ق (٥٠) : الآيات ٢٩ الى ٣٥]
ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (٣١) هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (٣٣)
ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (٣٤) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ (٣٥)
المعنى: قدمت بالوعيد أني أعذب الكفار في ناري، فلا يبدل قولي ولا ينقص ما أبرمه كلامي، ثم أزال عز وجل موضع الاعتراض بقوله: وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ أي هذا عدل فيهم، لأني أعذرت وأمهلت