للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأ ابن عباس ومعاوية وعمرو بن العاصي: «وهو عليهم عم» بكسر الميم وتنوينه. وقال يعقوب: لا أدري أنونوا أم فتحوا الياء على الفعل الماضي؟ وبغير ياء رواها عمرو بن دينار وسليمان بن قتة عن ابن عباس.

وهذه القراءة أيضا فيها استعارة، وكذلك قوله تعالى: أُولئِكَ يُنادَوْنَ يحتمل معنيين، وكلاهما مفعول للمفسرين: أحدهما أنها استعارة لقلة فهمهم، شبههم بالرجل ينادى على بعد يسمع منه الصوت ولا يفهم تفاصيله ولا معانيه، وهذا تأويل مجاهد، والآخر أن الكلام على الحقيقة وأن معناه أنهم يوم القيامة ينادون بكفرهم وقبيح أعمالهم من بعد حتى يسمع ذلك أهل الموقف، فتعظم السمعة عليهم ويحل المصاب، وهذا تأويل الضحاك بن مزاحم. ثم ضرب تعالى أمر موسى مثلا للنبي عليه السلام ولقريش، أي فعل أولئك كأفعال هؤلاء حين جاءهم مثل ما جاء هؤلاء، والكلمة السابقة هي: حتم الله تعالى بتأخير عذابهم إلى يوم القيامة، والضمير في قولهم: لَفِي شَكٍّ مِنْهُ يحتمل أن يعود على موسى أو على كتابه.

وقوله تعالى: مَنْ عَمِلَ صالِحاً الآية نصيحة بينة للعالم وتحذير وترجية وصدع بين الله تعالى لا يجعل شيئا من عقوبات عبيده في غير موضعها، بل هو العادل المتفضل الذي يجازي كل عبد بتكسبه.

قوله عز وجل:

[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٤٧ الى ٥٠]

إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (٤٧) وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (٤٨) لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ (٤٩) وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ (٥٠)

المعنى: أن وقت علم الساعة ومجيئها يرده كل مؤمن متكلم فيه إلى الله عز وجل. وذكر تعالى الثمار وخروجها من الأكمام وحمل الإناث مثالا لجميع الأشياء، إذ كل شيء خفي فهو في حكم هذين.

وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي والحسن وطلحة والأعمش: «من ثمرة» بالإفراد على أنه اسم جنس. وقرأ نافع وابن عامر: «ثمرات» بالجمع، واختلف عن عاصم وهي قراءة أبي جعفر وشيبة والأعرج والحسن بخلاف، وفي مصحف عبد الله: «في ثمرة من أكمامها» . والأكمام: جمع كم، وهو غلاف التمر قبل ظهوره.

وقوله تعالى: وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ تقديره: واذكر يوم يناديهم والضمير في: يُنادِيهِمْ ظاهره والأسبق فيه أنه يريد به الكفار عبدة الأوثان. ويحتمل أن يريد به كل من عبد من دون الله من إنسان وغيره، وفي هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>