وبنين وغير ذلك من قوة لم تكن عند محمد صلى الله عليه وسلم ولا عند من آمن به فأخبر تعالى قريشا أن ذلك متاع الدنيا الفاني وأن الآخرة وما فيها من النعم التي أعدها الله لهؤلاء المؤمنين خَيْرٌ وَأَبْقى، ثم وبخهم بقوله تعالى: أَفَلا تَعْقِلُونَ، وقرأ الجمهور «أفلا يعقلون» بالياء، وقرأ أبو عمرو وحده بالتاء من فوق، وروي عنه بالياء، كذا قال أبو علي في الحجة، وذلك خلاف ما حكى أبو حاتم والناس، فإن نافعا يقرأ بالتاء من فوق وهي قراءة الأعرج والحسن وعيسى، ثم زادهم توبيخا بقوله أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً الآية، وقوله أَفَمَنْ وَعَدْناهُ يعم معناها جميع العالم لكن اختلف الناس فيمن نزلت، فقال مجاهد:
الذي وعد الوعد الحسن هو محمد عليه السلام وضده أبو جهل، وقال مجاهد أيضا: نزلت في حمزة وأبي جهل، وقيل في علي وأبي جهل، وقال قتادة: نزلت عامة في المؤمن والكافر كما معناها عام.
قال القاضي أبو محمد: ونزولها عام بين الاتساق بما قبله من توبيخ قريش، ومِنَ الْمُحْضَرِينَ، معناه في عذاب الله قاله مجاهد وقتادة، ولفظة «محضرين» مشيرة إلى سوق بجبر، وقرأ طلحة «أمن وعدناه» بغير فاء، وقرأ مسروق «أفمن وعدناه نعمة منا فهو لاقيها» .
التقدير واذكر يوم، وهذا النداء يحتمل أن يكون بواسطة، ويحتمل بغير ذلك، والضمير المتصل «بينادي» لعبدة الأصنام والإشارة إلى قريش وكفار العرب وقوله أَيْنَ، على جهة التقريع والتوبيخ وقوله شُرَكائِيَ أي على قولكم وزعمكم.
قال القاضي أبو محمد: ولما كان هذا السؤال مسكتا لهم مبهتا فكأنه لا متعلق لجمهور الكفرة إلا ب «المغوين» لهم والأعيان، الرؤوس منهم وبالشياطين المغوين فكأن هذه الصنيفة المغوية إنما أتت الكفرة على علم فالقول عليها متحقق وكلمة العذاب ماضية لكنهم طمعوا في التبري من كل أولئك الكفرة الأتباع فقالوا رَبَّنا هؤُلاءِ إنما أضللناهم كما ضللنا نحن باجتهاد لنا ولهم وأرادوا هم اتباعنا وأحبوا الكفر كما أحببناه.
فنحن نتبرأ إليك منهم وهم لم يعبدونا إنما عبدوا غيرنا.
قال القاضي أبو محمد: فهذا التوقيف يعم جميع الكفرة، والمجيبون هم كل مغو داع إلى الكفر من الشياطين ومن الإنس الرؤساء والعرفاء والسادة في الكفر، وقرأ الجمهور «غوينا» بفتح الواو، يقال غوى الرجل يغوى بكسر الواو، وروي عن ابن عامر وعاصم «غوينا» بكسر الواو، ثم أخبر تعالى أنه يقال للكفرة العابدين للأصنام الذين اعتقدوهم آلهة ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ أي الأصنام التي كنتم تزعمون أنهم شركاء لله،