للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[سورة الهمزة]

وهي مكية بلا خلاف.

قوله عز وجل:

[سورة الهمزة (١٠٤) : الآيات ١ الى ٩]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١) الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ (٢) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (٣) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤)

وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)

وَيْلٌ لفظ يجمع الشر والحزن، وقيل وَيْلٌ: واد في جهنم، و «الهمزة» الذي يهمز الناس بلسانه أي يعيبهم، ويغتابهم، وقال ابن عباس: هو المشاء بالنميم.

قال القاضي أبو محمد: ليس به لكنهما صفتان تتلازم، قال الله تعالى: هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [القلم: ١١] ، وقال مجاهد: «الهمزة» الذي يأكل لحوم الناس، وقيل لأعرابي: أتهمز إسرائيل فقال: إني إذا لرجل سوء، حسب أنه يقال له أتقع في سبه، و «اللمزة» قريب من المعنى في الهمزة، قال الله تعالى:

وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ [الحجرات: ١١] ، وقرأ ابن مسعود والأعمش والحسن: «ويل الهمزة اللمزة» ، وهذا البناء الذي هو فعلة يقتضي المبالغة في معناه، قال أبو العالية والحسن: الهمز بالحضور واللمز بالمغيب، وقال مقاتل ضد هذا، وقال مرة: هما سواء، وقال ابن أبي نجيح: الهمز باليد والعين، واللمز باللسان، وقال تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ [التوبة: ٥٨] وقيل نزلت هذه الآية في الأخنس بن شريق وقيل في جميل بن عامر الجمحي ثم هي تتناول كل من اتصف بهذه الصفات، وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي والحسن وأبو جعفر: «جمّع» بشدة الميم، والباقون بالتخفيف، وقوله وَعَدَّدَهُ معناه: أحصاه وحافظ على عدده وأن لا ينتقص، فمنعه من الخيرات ونفقة البر، وقال مقاتل: المعنى استعده وذخره وقرأ الحسن:

«وعدده» بتخفيف الدالين، فقيل المعنى جمع مالا وعددا من عشرة، وقيل أراد عددا مشددا فحل التضعيف، وهذا قلق، وقوله: يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ معناه: يحسب أن ماله هو معنى حياته وقوامها، وأنه حفظه مدة عمره ويحفظه، ثم رد على هذه الحسبة وأخبر إخبارا مؤكدا أنه ينبذ فِي الْحُطَمَةِ أي التي

<<  <  ج: ص:  >  >>