الجنة، وعَيْناً بدل من كأس أو من عين على القول الثاني، وسَلْسَبِيلًا قيل هو اسم بمعنى السلس المنقاد الجرية، وقال مجاهد: حديدة الجرية، وقيل: هي عبارة عن حسن إيساغها، قال ابن الأعرابي: لم أسمع هذه اللفظة إلا في القرآن، وقال آخرون: سَلْسَبِيلًا صفة لقوله عَيْناً. وتسمى بمعنى توصف وتشهر وكونه مصروفا مما يؤكد كونه صفة للعين لا اسما، وقال بعض المقرءين والتصحيح من الألوسي:
سَلْسَبِيلًا أمر للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته بسؤال السبيل إليها. وهذا قول ضعيف لأن براعة القرآن وفصاحته لا تجيء هكذا، واللفظة معروفة في اللسان وأن السلسل والسلسبيل، بمعنى واحد ومتقارب. ومُخَلَّدُونَ قال جمهور الناس: معناه باقون من الخلود، وجعلهم ولدانا لأنهم في هيئة الولدان في السن لا يتغيرون عن تلك الحال، وقال أبو عبيدة وغيره مُخَلَّدُونَ معناه مقرطون، والخلدات حلي يعلق في الآذان، ومنه قول الشاعر:[الكامل]
ومخلدات باللجين كأنما ... أعجازهن أقاوب الكثبان
وشهرة هذه اللغة في حمير، وشبههم ب «اللؤلؤ المنثور» في بياضهم وانتشارهم في المساكن يجيئون ويذهبون وفي جمالهم، ومنه سميت المرأة درة وجوهرة، ثم كرر ذكر الرؤية مبالغة، وثَمَّ ظرف والعامل فيه رَأَيْتَ أو معناه؟ وقال الفراء التقدير: رَأَيْتَ ما ثَمَّ وحذفت ما، وقرأ حميد الأعرج «ثم» بضم الثاء، و «النعيم» : ما هم فيه من حسن عيش، و «الملك الكبير» : قال سفيان: هو استئذان الملائكة وتسليمهم عليهم وتعظيمهم لهم، فهم في ذلك كالملوك، وقال أكثر المفسرين:«الملك الكبير» اتساع مواضعهم، فروي عن عبد الله بن عمر أنه قال: ما من أهل الجنة من أحد إلا يسعى عليه ألف غلام كلهم مختلف شغله من شغل أصحابه، وأدنى أهل الجنة منزلة من ينظر من ملكه في مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه.
قرأ نافع وحمزة وأبان عن عاصم:«عاليهم» على الرفع بالابتداء وهي قراءة الأعرج وأبي جعفر وشيبة وابن محيصن وابن عباس بخلاف عنه، وقرأ الباقون وعاصم «عاليهم» بالنصب على الحال، والعامل فيه لَقَّاهُمْ [الإنسان: ١١] أو جَزاهُمْ [الإنسان: ١٢] ، وهي قراءة عمر بن الخطاب وابن عباس والحسن ومجاهد والجحدري وأهل مكة، وقرأ الأعمش وطلحة:«عاليتهم» ، وكذلك هي في مصحف عبد الله، وقرأ أيضا الأعمش «عاليتهم» بالنصب على الحال، وقد يجوز في النصب في القراءتين أن يكون