للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعيد وأبو عبيدة معمر والكسائي: و «الانفطار» التصدع والانشقاق على غير نظام، بقصد، والضمير في بِهِ، قال المنذر وغيره: هو عائد على اليوم، وقال مجاهد: هو عائد على الله تعالى، وهذا نظير قوله يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ [الفرقان: ٢٥] الذي هو ظل يأتي الله فيها. والمعنى يأتي أمره وقدرته، وكذلك هنا مُنْفَطِرٌ بِهِ أي بأمره وسلطانه، والضمير في قوله وَعْدُهُ ظاهر أنه لله تعالى. ويحتمل أن يكون لليوم لأنه يضاف إليه من حيث هو منه.

قوله عز وجل:

[سورة المزمل (٧٣) : الآيات ١٩ الى ٢٠]

إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (١٩) إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٠)

الإشارة ب هذِهِ يحتمل أن تكون إلى ما ذكر من الأنكال والجحيم والأخذ الوبيل ونحوه. ويحتمل أن تكون إلى السورة بأجمعها ويحتمل أن تكون إلى القرآن، أي أن هذه الأقوال المنصوصة، فيه، تَذْكِرَةٌ، والتذكرة مصدر كالذكر. وقوله تعالى: فَمَنْ شاءَ الآية، ليس معناه إباحة الأمر وضده، بل يتضمن معنى الوعد والوعيد. والسبيل هنا: سبيل الخير والطاعة. وقوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ الآية نزلت تخفيفا لما كان استمر استعماله من قيام الليل إما على الوجوب أو على الندب حسب الخلاف الذي ذكرناه، ومعنى الآية: أن الله تعالى يعلم أنك تقوم أنت وغيرك من أمتك قياما مختلفا فيه، مرة يكثر ومرة يقل، ومرة أدنى من الثلثين، ومرة أدني من الثلث، وذلك لعدم تحصيل البشر لمقادير الزمن مع عدم النوم، وتقدير الزمان حقيقة إنما هو لله تعالى، وأما البشر فلا يحصي ذلك فتاب الله عليهم، أي رجع بهم من الثقل إلى الجنة وأمرهم بقراءة ما تَيَسَّرَ، ونحو هذا يعطي عبارة الفراء ومنذر فإنهما قالا تُحْصُوهُ تحفظوه، وهذا التأويل هو على قراءة من قرأ «ونصفه وثلث» بالخفض عطفا على الثلثين، وهي قراءة أبي عمرو ونافع وابن عامر. وأما من قرأ «ونصفه وثلثه» بالنصب عطفا على أَدْنى وهي قراءة باقي السبعة، فالمعنى عنده آخر، وذلك أن الله تعالى قرر أنهم يقدرون الزمان على نحو ما أمر به في قوله نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ [المزمل: ٣- ٤] ، فلم يبق إلا أن يكون قوله لَنْ تُحْصُوهُ لن تستطيعوا قيامه لكثرته وشدته فخفف الله عنكم فضلا منه لا لقلة جهلهم بالتقدير وإحصاء الوقت، ونحو هذا تعطي عبارة الحسن وابن جبير تُحْصُوهُ تطيعوه، وقرأ جمهور القراء والناس «وثلثه» بضم اللام، وقرأ ابن كثير في رواية شبل عنه:

«وثلثه» بسكون اللام. وقوله تعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ إباحة، هذا قول الجمهور، وقال ابن جبير وجماعة هو فرض لا بد منه ولو خمسين آية، وقال الحسن وابن سيرين قيام الليل فرض، ولو قدر

<<  <  ج: ص:  >  >>