حلب شاة، إلا أن الحسن قال: من قرأ مائة آية لم يحاجه القرآن، واستحسن هذا جماعة من العلماء، قال بعضهم: والركعتان بعد العتمة مع الوتر مدخلتان في حكم امتثال هذا الأمر، ومن زاد زاده الله ثوابا.
وإِنَّ في قوله تعالى: عَلِمَ أَنْ مخففة من الثقيلة. والتقدير أنه يكون، فجاءت السين عوضا من المحذوف، وكذلك جاءت لا في قول أبي محجن:[الطويل]
ولا تدفنني بالفلاة فإنني ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها
والضرب في الأرض: هو السفر للتجارة، وضرب الأرض هو المشي للتبرز والغائط. فذكر الله تعالى أعذار بني آدم التي هي حائلة بينهم وبين قيام الليل وهي المرض والسفر في تجارة أو غزو، فخفف عنه القيام لها. وفي هذه الآية فضيلة الضرب في الأرض بل تجارة وسوق لها مع سفر الجهاد، وقال عبد الله بن عمر: أحب الموت إليّ بعد القتل في سبيل الله أن أموت بين شعبتي رحلي أضرب في الأرض أبتغي من فضل الله، ثم كرر الأمر. بقراءة ما تيسر منه تأكيدا و «الصلاة» و «الزكاة» هما المفروضتان، ومن قال إن القيام بالليل غير واجب قال معنى الآية خذوا من هذا الثقل بما تيسر وحافظوا على فرائضكم، ومن قال إن شيئا من القيام واجب قال: قرنه الله بالفرائض لأنه فرض. وإقراض الله تعالى: هو إسلاف العمل الصالح عنده. وقرأ جمهور الناس «هو خيرا» على أن يكون هو فصلا، وقرأ محمد بن السميفع وأبو السمال «هو خير» بالرفع على أن يكون هُوَ ابتداء، و «خير» خبره والجملة تسد مسد المفعول الثاني ل تَجِدُوهُ.
ثم أمر تعالى بالاستغفار وأوجب لنفسه صفة الغفران لا إله غيره، قال بعض العلماء فالاستغفار بعد الصلاة مستنبط من هذه الآية ومن قوله تعالى: كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات: ١٧] .
قال القاضي أبو محمد: وعهدت أبي رحمه الله يستغفر إثر كل مكتوبة ثلاثا بعقب السلام ويأثر في ذلك حديثا، فكأن هذا الاستغفار من التقصير وتفلت الفكر أثناء الصلاة، وكان السلف الصالح يصلون إلى طلوع الفجر ثم يجلسون للاستغفار إلى صلاة الصبح.
نجز تفسير سورة «المزمل» بحمد الله وعونه وصلى الله على محمد وآله.