للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أمر الله تعالى نبيه أن يعلمهم بأن العالم محشور مبعوث ل يَوْمٍ مَعْلُومٍ موقت ومِيقاتِ:

مفعال من الوقت، كميعاد من الوعد.

وقوله عز وجل:

[سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٥١ الى ٦٢]

ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥)

هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦) نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ (٥٧) أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (٥٩) نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠)

عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ (٦١) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ (٦٢)

وقوله: ثُمَّ إِنَّكُمْ مخاطبة لكفار قريش ومن كان في حالهم، ومِنْ في قوله: مِنْ شَجَرٍ يحتمل أن تكون للتبعيض ويحتمل أن تكون لابتداء الغاية، ومِنْ في قوله: مِنْ زَقُّومٍ لبيان الجنس، والضمير في: مِنْهَا عائد على الشجر، و «من» للتبعيض أو لابتداء الغاية، والضمير في: عَلَيْهِ عائد على المأكول أو على الأكل. وفي قراءة ابن مسعود «لآكلون من شجر» على الإفراد.

و: الْهِيمِ قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة والضحاك: هو جمع أهيم، وهو الجمل الذي أصابه الهيام، بضم الهاء، وهو داء معطش يشرب معه الجمل حتى يموت أو يسقهم سقما شديدا، والأنثى:

هيماء. وقال بعضهم: هو جمع هيماء كبيض وعين، وقال قوم آخرون: هو جمع هائم وهائمة، وهذا أيضا من هذا المعنى، لأن الجمل إذا أصابه ذلك الداء هام على وجهه وذهب، وقال سفيان الثوري وابن عباس:

الْهِيمِ هنا الرمال التي لا تروى من الماء، وذلك أن الهيام بفتح الهاء هو الرمل الدق الغمر المتراكم، وقال ثعلب. الهيام: بضم الهاء: الرمل الذي لا يتماسك.

وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو والكسائي: «شرب» بفتح الشين، وهي قراءة الأعرج وابن المسيب وشعيب بن الحبحاب ومالك بن دينار وابن جريج، ولا خلاف أنه مصدر، وقرأ مجاهد: «شرب» بكسر الشين، ولا خلاف أنه اسم، وقرأ أهل المدينة وباقي السبعة: «شرب» ، بضم الشين، واختلف فيه، فقال قوم وهو مصدر، وقال آخرون هم اسم لما يشرب.

والنزل: أول ما يأكل الضيف. وقرأ عمرو في رواية عباس: «نزلهم» ساكنة الزاي، وقرأ الباقون واليزيدي عن أبي عمرو بضم الزاي وهما لمعنى كالشغل والشغل. و: الدِّينِ الجزاء.

ثم أخبر تعالى أنه الخالق، وحضض على التصديق على وجه التقريع ثم ساق الحجة الموجبة للتصديق، كان معترضا من الكفار قال: ولم أصدق؟ فقيل له: أفرأيت كذا وكذا الآيات، وليس يوجد مفطور يخفى عنه أن المني الذي يخرج منه ليس له فيه عمل ولا إرادة ولا قدرة. وأَمْ في قوله: أَمْ نَحْنُ ليست المعادلة عند سيبويه، لأن الفعل قد تكرر، وإنما المعادلة عنده: أقام زيد أم عمرو، وهذه

<<  <  ج: ص:  >  >>