حيث الفائدة في القول لهؤلاء وهؤلاء معدومة فشبههم مرة ب الْمَوْتى ومرة ب الصُّمَّ، قال العلماء:
الميت من الأحياء هو الذي يلقى الله بكفره.
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه: واحتجت عائشة رضي الله عنها في إنكارها أن النبي صلى الله عليه وسلم أسمع موتى بدر بهذه الآية، ونظرت هي في الأمر بقياس عقلي ووقفت مع هذه الآية وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ما أنتم بأسمع منهم» فيشبه أن قصة بدر هي خرق عادة لمحمد عليه السلام في أن رد الله إليهم إدراكا سمعوا به مقاله، ولولا إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بسماعهم لحملنا نداءه إياهم على معنى التوبيخ لمن بقي من الكفرة وعلى معنى شفاء صدور المؤمنين منهم.
وقد عورضت هذه الآية بالسلام على القبور وبما روي في ذلك من أن الأرواح تكون على شفير القبور في أوقات قالوا: فلو لم يسمع الميت لم يسلم عليه.
قال القاضي أبو محمد: وهذا كله غير معارض للآية لأن السلام على القبور إنما هو عبادة وعند الله الثواب عليها وهو تذكير للنفس بحالة الموت وبحالة الموتى في حياتهم، وإن جوزنا مع هذا أن الأرواح في وقت على القبور فإن سمع فليس الروح بميت وإنما المراد بقوله إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى الأشخاص الموجودة مفارقة لأرواحها، وفيها تقول خرقت العادة لمحمد عليه السلام في أهل القليب وذلك كنحو قوله صلى الله عليه وسلم في الموتى «إذا دخل عليهم الملكان إنهم يسمعون خفق النعال» ، وقرأ ابن كثير «ولا يسمع» بالياء من تحت «الصمّ» رفعا ومثله في الروم، وقرأ الباقون «تسمع» بالتاء «الصمّ» نصبا، وقرأ جمهور القراء «بهادي العمي» بالإضافة، وقرأ يحيى بن الحارث وأبو حيوة «بهاد العمي» بتنوين الدال ونصب «العمي» ، وقرأ حمزة وحده «وما أنت تهدي العمي» بفعل مستقبل وهي قراءة طلحة وابن وثاب وابن يعمر، وفي مصحف عبد الله «وما أن تهدي العمي» ، ومعنى قوله وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ، إذا انتجز وعد عذابهم الذي تضمنه القول الأزلي من الله تعالى في ذلك أي حتمه عليهم، وقضاؤه وهذا بمنزلة قوله تعالى: حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ [الزمر: ٧١] فمعنى الآية وإذا أراد الله أن ينفذ في الكافرين سابق علمه لهم من العذاب أخرج لهم دابة من الأرض، وروي أن ذلك حين ينقطع الخير ولا يؤمر بمعروف ولا ينهى عن منكر ولا يبقى منيب ولا تائب، كما أوحى الله إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، ووقع، عبارة عن الثبوت واللزوم وفي الحديث أن الدابة وطلوع الشمس من المغرب من أول الأشراط وإن لم تعين الأولى وكذلك الدجال.
قال القاضي أبو محمد: وظاهر الأحاديث والروايات أن الشمس آخرها لأن التوبة تنقطع معها وتعطي الحال أن الإيمان لا يبقى إلا في أفراد وعليهم تهب الريح التي لا تبقي إيمانا وحينئذ ينفخ في الصور، ونحن نروي أن الدابة تسم قوما بالإيمان وتجد أن عيسى ابن مريم يعدل بعد الدجال ويؤمن الناس به وهذه الدابة روي أنها تخرج من جبل الصفا بمكة قاله عبد الله بن عمر، وقال عبد الله بن عمرو نحوه، وقال: لو شئت أن أضع قدمي على موضع خروجها لفعلت، وروي عن قتادة أنها تخرج في تهامة، وروي أنها تخرج من مسجد الكوفة من حيث فار تنور نوح عليه السلام، وروى بعضهم عن حذيفة بن اليمان أنها تخرج ثلاث